الآية : 84 : وقوله تعالى : { ويوم يبعث من كل أمة شهيدا } ، قال بعضهم : شهيدها أن يشهد عليهم من نحو ما ذكر من شهادة جوارحهم عليهم ، وهو قوله : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم } الآية ( النور : 24 ) ، وقوله : { شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم } الآية ( فصلت : 20 ) ، وقوله : { يومئذ تحدث أخبارها } ( الزلزلة : 4 ) ، ونحو ذلك من الآيات التي فيها ذكر الشهادة عليهم عند إنكارهم أعمالهم التي عملوها .
وقال بعضهم : شهيدها رسولها الذي بعث إليهم ، يشهد عليهم أنه قد بلغ إليهم رسالات ربهم ، وهو كقوله : { وإن من أمة إلا خلا فيها نذير } ( فاطر : 24 ) والنذير : هو الرسول المبعوث إليهم ، وهو ما ذكر أيضا : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } ( النساء : 141 ) ، وكقوله {[10396]} : { وجئنا بك شهيدا على هؤلاء } ( النحل : 89 ) .
أخبر أنه يجيء بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم شهيدا على أولئك ، وأن{[10397]} الرسل قد بلغوا الرسالة إليهم ، وهو ما ذكر : { فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين } ( الأعراف : 6 ) ، وقوله : { يوم يجمع الله الرسل } الآية ( المائدة : 109 ) ، وقوله : { ويوم يناديهم } ( فصلت : 37 ) ، يسأل الرسل عن تبليغ الرسالة إلى قومهم ، ويسأل قومهم عما أجابوا الرسل . إلى هذا يذهب بعض أهل التأويل ، والله أعلم .
وجميع {[10398]} ما ذكر في القرآن من مجيئه وإنبائه ونحوه جائز أن يكون ذلك البعث . تفسير ذلك كله قوله : { ويوم نبعث من كل أمة } كذا . من ذلك قوله{[10399]} : { وجاء ربك والملك } ( الفجر : 22 ) ( وقوله ){[10400]} : { هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله } ( البقرة : 210 ) وقوله : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد } ( النساء : 41 ) فهو البعث ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { ثم لا يؤذن للذين كفروا } ، قال الحسن : لا يؤذن لهم بالاعتذار ؛ لأنه لا عذر لهم ، وهو ما قال : { هذا يوم لا ينطقون } { ولا يؤذن لهم فيعتذرون } ( المرسلات : 35 و 36 ) ؛ لأنه لا عذر لهم ، واعتذارهم لا ينفع لهم شيئا ؛ إذ اعتذارهم من نحو قولهم : { ربنا هؤلاء أضلونا } ( الأعراف : 38 ) ، وقولهم : { لولا أنتم لكنا مؤمنين } ( سبإ : 31 ) ، ونحو هذا مما لا ينفعهم ذلك ، فلا يؤذن لهم لذلك { ولا هم يستعتبون } .
قال الحسن : ولا هم يقالون . وكذلك قال في قوله : { وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين } ( فصلت : 24 ) . أي : من المقالين ، لا يقالون عما كان منهم . وقال / 290 – ب / بعضهم : لا يؤذن ، ولا يمكن لهم من التوبة والرجوع عما كانوا ؛ لأن ذلك الوقت ليس هو وقت التوبة والرجوع ، كقوله : { فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده } الآية ( غافر : 84 ) ، وقوله{[10401]} : { فلم يَكُ ينفعهم إيمانهم } ( غافر : 85 ) ونحوه .
( وقوله تعالى ){[10402]} : { ولا هم يستعتبون } ، العتاب في الخلق ، هو تذكير ما كان من الفرط ليرجع عما كان منه ، وذلك في الآخرة ، لا يُحتمل . ويُحتمل قوله : { ثم لا يؤذن للذين كفروا } ، أي : لا يؤذن لهم بالكلام كقوله : { اخشوا فيها ولا تُكلمون } ( المؤمنون : 108 ) ، أو لا يؤذن للشفعاء أن يشفعوا للذين كفروا ، ويؤذن للشفعاء أن يشفعوا للمؤمنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.