لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{وَيَوۡمَ نَبۡعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٖ شَهِيدٗا ثُمَّ لَا يُؤۡذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلَا هُمۡ يُسۡتَعۡتَبُونَ} (84)

قوله سبحانه وتعالى : { ويوم نبعث من كل أمة شهيداً } ، لما ذكر الله سبحانه وتعالى نعمه على الكافرين وإنكارهم لها ، وذكر أن أكثرهم كافرون ، أتبعه بذكر الوعيد لهم في الآخرة فقال تعالى : { ويوم نبعث من كل أمة شهيداً } ، يعني : رسولاً وذلك اليوم ، هو يوم القيامة ، والمراد بالشهداء : الأنبياء يشهدون على أممهم بإنكار نعم الله عليهم وبالكفر ، { ثم لا يؤذن للذين كفروا } ، يعني : في الاعتذار ، وقيل : لا يؤذن لهم في الكلام أصلاً . وقيل : لا يؤذن لهم بالرجوع إلى دار الدنيا فيعتذروا ويتوبوا وقيل : لا يؤذن لهم في معارضة الشهود بل يشهدون عليهم ويقرونهم على ذلك ، { ولا هم يستعتبون } ، الاستعتاب : طلب العتاب ، والمعتبة : هي الغلظة والموجدة التي يجدها الإنسان في نفسه على غيره ، والرجل إنما يطلب العتاب من خصمه ليزيل ما في نفسه عليه من الموجدة والغضب ، ويرجع إلى الرضا عنه وإذ لم يطلب العتاب منه دل ذلك على أنه ثابت على غضبه عليه ، ومعنى الآية : أنهم لا يكلفون أن يرضوا ربهم في ذلك اليوم ؛ لأن الآخرة ليست دار غضبه عليه ، ومعنى الآية : أنهم لا يكلفون أن يرضوا ربهم في ذلك اليوم ؛ لأن الآخرة ليست دار تكليف ، ولا يرجعون إلى الدنيا فيتوبوا ويرجعوا يرضوا ربهم فالاستعتاب : التعرض لطلب الرضا ، وهذا باب منسد على الكفار في الآخرة .