معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

قوله تعالى : { الذين عاهدت منهم } ، يعني عاهدتهم ، وقيل : أي : عاهدت معهم ، وقيل : أدخل من لأن معناه : أخذت منهم العهد .

قوله تعالى : { ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } ، وهم بنو قريظة ، نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأعانوا المشركين بالسلاح على قتال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ثم قالوا : نسينا وأخطأنا ، فعاهدهم الثانية ، فنقضوا العهد ، ومالئوا الكفار على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ، وركب كعب بن الأشرف إلى مكة ، فوافقهم على مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم . قوله تعالى : { وهم لا يتقون } ، لا يخافون الله تعالى في نقض العهد .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

55

( الذين عاهدت منهم ثم ينقضون في كل مرة وهم لا يتقون )

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ عَٰهَدتَّ مِنۡهُمۡ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهۡدَهُمۡ فِي كُلِّ مَرَّةٖ وَهُمۡ لَا يَتَّقُونَ} (56)

وقوله { الذين عاهدت منهم } يحتمل أن يريد أن الموصوف ب { شر الدواب } هم الذين لا يؤمنون المعاهدون من الكفار فكانوا شر الدواب على هذا بثلاثة أوصاف : الكفر والموافاة عليه والمعاهدة مع النقض ، و { الذين } على هذا بدل البعض من الكل ، ويحتمل أن يريد بقوله { الذين عاهدت } { الذين } الأولى ، فتكون بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة ، والمعنى على هذا الذين عاهدت فرقة أو طائفة منهم ، ثم ابتدأ يصف حال المعاهدين بقوله : { ثم ينقضون عهدهم في كل مرة } والمعاهدة في هذه الآية المسالمة وترك الحرب ، وأجمع المتأولون أن الآية نزلت في بني قريظة وهي بعد تعم كل من اتصف بهذه الصفة إلى يوم القيامة ، ومن قال إن المراد ب { الدواب } الناس فقول لا يستوفي المذمة ، ولا مرية في أن الدواب تعم الناس وسائر الحيوان ، وفي تعميم اللفظة في هذه الآية استيفاء المذمة ، وقوله { في كل مرة } يقتضي أن الغدر قد كان وقع منهم وتكرر ذلك ، وحديث قريظة هو أنهم عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على ألا يحاربوه ولا يعينوا عليه عدواً من غيرهم ، فلما اجتمعت الأحزاب على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة غلب على ظن بني قريظة أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مغلوب ومستأصل ، وخدع حيي بن أخطب النضري كعب بن أسد القرظي صاحب بني قريظة وعهدهم ، فغدروا ووالوا قريشاً وأمدوهم بالسلاح والأدراع ، فلما انجلت تلك الحال عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أمره الله بالخروج إليهم وحربهم فاستنزلوا ، وضربت أعناقهم بحكم سعد بن معاذ ، واستيعاب القصة في سيرة ابن هشام ، وإنما اقتضبت منها ما يخص تفسير الآية .