معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

{ سأرهقه صعوداً } سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة له فيها . وروينا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الصعود جبل من نار يتصعد فيه الكافر سبعين خريفاً ، ثم يهوي " .

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا عمر بن الخطاب ، حدثنا عبد الله بن الفضل ، أنبأنا سنجاب بن الحارث ، أنبأنا شريك ، عن عمار الدهني ، عن عطية ، عن أبي سعيد " عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { سأرهقه صعودا } قال : هو جبل في النار من نار يكلف أن يصعده فإذا وضع يده ذابت ، فإذا رفعها عادت فإذا وضع رجله ذابت ، وإذا رفعها عادت " . وقال الكلبي : الصعود : صخرة ملساء في النار يكلف أن يصعدها ، لا يترك أن يتنفس في صعوده ، ويجذب من أمامه بسلاسل من حديد ، ويضرب من خلفه بمقامع من حديد ، فيصعدها في أربعين عاماً ، فإذا بلغ ذروتها أحدر إلى أسفلها ، ثم يكلف أن يصعدها ويجذب من أمامه ويضرب من خلفه فذلك دأبه أبداً . ً

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

11

ويعقب على الردع بالوعيد الذي يبذل اليسر عسرا ، والتمهيد مشقة !

( سأرهقه صعودا ) . .

وهو تعبير مصور لحركة المشقة . فالتصعيد في الطريق هو أشق السير وأشده إرهاقا . فإذا كان دفعا من غير إرادة من المصعد كان أكثر مشقة وأعظم إرهاقا . وهو في الوقت ذاته تعبير عن حقيقة . فالذي ينحرف عن طريق الإيمان السهل الميسر الودود ، يندب في طريق وعر شاق مبتوت ؛ ويقطع الحياة في قلق وشدة وكربة وضيق ، كأنما يصعد في السماء ، أو يصعد في وعر صلد لا ري فيه ولا زاد ، ولا راحة ولا أمل في نهاية الطريق !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

قال الله : { سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا } قال الإمام أحمد :

حدثنا حسن ، حدثنا ابن لَهِيعة ، عن دَرَّاج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ويل : واد في جهنم ، يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره ، والصَّعُود : جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ، ثم يهوي به كذلك فيه أبدا " .

وقد رواه الترمذي عن عبد بن حُمَيد ، عن الحسن بن موسى الأشيب ، به{[29485]} ثم قال : غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ابن لَهِيعة عن دراج . كذا قال . وقد رواه ابن جرير ، عن يونس ، عن عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن دَرَّاج{[29486]} وفيه غرابة ونكارة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زُرْعَة وعلي بن عبد الرحمن - المعروف بعلان المصري{[29487]} - قال : حدثنا مِنْجاب ، أخبرنا شريك ، عن عمار الدُّهَنِيّ ، عن عطية العوفي ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : { سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا } قال : " هو جبل في النار من نار يكلف أن يصعده ، فإذا وضع يده ذابت ، وإذا رفعها عادت ، فإذا وضع رجله ذابت ، وإذا رفعها عادت " .

ورواه البزار وابن جرير ، من حديث شريك ، به{[29488]} .

وقال قتادة ، عن{[29489]} ابن عباس : صعود : صخرة [ في جهنم ]{[29490]} عظيمة يسحب عليها الكافر على وجهه .

وقال السدي : صعودا : صخرة ملساء في جهنم ، يكلف أن يصعدها .

وقال مجاهد : { سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا } أي : مشقة من العذاب . وقال قتادة : عذابا لا راحة فيه . واختاره ابن جرير .


[29485]:- (1) المسند (3/75)، وسنن الترمذي برقم (3164).
[29486]:- (2) تفسير الطبري (29/97).
[29487]:- (3) في م: "البصري".
[29488]:- (4) تفسير الطبري (29/97)، ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (3409) "مجمع البحرين" من طريق منجاب بن الحارث به مرفوعًا. وقال الطبراني: "لم يرفع هذا الحديث عن عمار الدهني إلا شريك، ورواه سفيان بن عيينة عن عمار الدهني فوافقه".
[29489]:- (5) في م: "وقال".
[29490]:- (6) زيادة من م.
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

و «أرهقه » معناه أكلفه بمشقة وعسر ، و { صعوداً } : عقبة في جهنم ، روى ذلك أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم{[11423]} كلما وضع عليها شيء من الإنسان ذاب ، والصعود في اللغة : العقبة الشاقة .


[11423]:أخرجه عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي. "الدر المنثور".