الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

وأخرج هناد عن أبي سعيد الخدري في قوله : { سأرهقه صعوداً } قال : هو جبل في النار يكلفون أن يصعدوا فيه ، فكلما وضعوا أيديهم عليه ذابت ، فإذا رفعوها عادت كما كانت .

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن ، فكأنه رق له ، فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال : يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً ليعطوه لك ، فإنك أتيت محمداً لتعرض لما قبله . قال : قد علمت قريش أني من أكثرها مالاً . قال : فقل فيه قولاً يبلغ قومك أنك منكر أو أنك كاره له . قال : وماذا أقول ؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده مني ، ولا بشاعر الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا ، ووالله إن لقوله : الذي يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله ، وإنه ليعلوا وما يعلى ، وإنه ليحطم ما تحته . قال : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه . قال : فدعني حتى أفكر . ففكر . فلما فكر قال : هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت { ذرني ومن خلقت وحيداً } .

وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الحلية وعبد الرزاق وابن المنذر عن عكرمة مرسلاً .

أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر فسأله عن القرآن ، فلما أخبره خرج على قريش فقال : يا عجباً لما يقول ابن أبي كبشة فوالله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي من الجنون ، وإن قوله : لمن كلام الله فلما سمع النفر من قريش ائتمروا وقالوا : والله لئن صبأ الوليد لتصبأن قريش ، فلما سمع بذلك أبو جهل قال : والله أنا أكفيكم شأنه . فانطلق حتى دخل عليه بيته . فقال للوليد : ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة ؟ فقال : ألست أكثرهم مالاً وولداً فقال له أبو جهل : يتحدثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه . فقال الوليد : تحدث بهذا عشيرتي فوالله لا أقرب ابن أبي قحافة ولا عمر ولا ابن أبي كبشة وما قوله : إلا سحر يؤثر فأنزل الله { ذرني ومن خلقت وحيداً } إلى قوله : { لا تبقي ولا تذر } .

وأخرج أحمد وابن المنذر والترمذي وابن أبي الدنيا في صفة النار وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «الصعود جبل في النار يصعد فيه الكافر سبعين خريفاً ثم يهوي وهو كذلك فيه أبداً » .

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن أبي سعيد قال : إن { صعوداً } صخرة في جهنم إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت ، فإذا رفعوها عادت واقتحامها { فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة } [ البلد : 14 ] .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : صعود صخرة في جهنم يسحب عليها الكافر على وجهه .

وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس قي قوله : { سأرهقه صعوداً } قال : جبل في النار .

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : { صعوداً } قال : جبلاً في جهنم .

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك { سأرهقه صعوداً } قال : صخرة ملساء في جهنم يكلفون الصعود عليها .

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد { سأرهقه صعوداً } قال : مشقة من العذاب .