التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{سَأُرۡهِقُهُۥ صَعُودًا} (17)

ثم بين - سبحانه - ما أعده له من عذاب أليم فقال : { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } . والإِرهاق : الإِتعاب الشديد ، وتحميل الإِنسان مالا يطيقه . يقال : فلان رِهِقَه الأمر يرهَقُه ، إذا حل به بقهر ومشقة لا قدرة له على دفعها . ومنه قوله - تعالى - : { وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } وقوله - سبحانه - : { والذين كَسَبُواْ السيئات جَزَآءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُمْ مِّنَ الله مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِّنَ الليل مُظْلِماً . . . } والصعود : العقبة الشديدة ، التى لا يصل الصاعد نحوها إلا بمشقة كبيرة ، وتعب قد يؤدى إلى الهلاك والتلف . وهذه الكلمة صيغة مبالغة من الفعل صَعِد .

وهذه الآية الكريمة فى مقابل قوله - تعالى - قبل ذلك : { وَمَهَّدتُّ لَهُ تَمْهِيداً } أى : أن هذا الجاه الذى أتاه فى الدنيا بدون تعب . . سيلقى فى الآخرة ما هو نقيضه من تعب وإذلال . .

قال صاحب الكشاف : قوله : { سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً } أى : سأغشيه عقبة شاقة المصعد .

وهو مثل لما يلقى من العذاب الشاق الصعد الذى لا يطاق . وعن النبى صلى الله عليه وسلم " يكلف أن يصعد عقبة فى النار ، كلما وضع عليها يده ذابت ، فإذا رفعها عادت ، وإذا وضع رجله عليها ذابت ، فإذا رفعها عادت " وعنه صلى الله عليه وسلم : " الصعود جبل من نار يصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوى فيه كذلك أبدا " .