معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تَلۡبِسُواْ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُواْ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (42)

قوله تعالى : { ولا تلبسوا الحق بالباطل } . أي لا تخلطوا ، يقال : لبس الثوب يلبس لبساً ، ولبس عليه الأمر يلبس لبساً أي خلط . يقول : لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم بالباطل الذي تكتبونه بأيديكم من تغيير صفة محمد صلى الله عليه وسلم . والأكثرون على أنه أراد : لا تلبسوا الإسلام باليهودية والنصرانية ، وقال مقاتل : إن اليهود أقروا ببعض صفة محمد صلى الله عليه وسلم وكتموا بعضاً ليصدقوا في ذلك فقال : ولا تلبسوا الحق الذي تغيرون به بالباطل يعني بما تكتمونه ، فالحق : بيانهم ، والباطل : كتمانهم .

قوله تعالى : { وتكتموا الحق } . أي لا تكتموه ، يعني : نعت محمد صلى الله عليه وسلم .

قوله تعالى : { وأنتم تعلمون } . أنه نبي مرسل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تَلۡبِسُواْ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُواْ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (42)

40

ويمضي السياق يحذرهم ما كانوا يزاولونه من تلبيس الحق بالباطل ، وكتمان الحق وهم يعلمونه ، بقصد بلبلة الأفكار في المجتمع المسلم ، وإشاعة الشك والاضطراب :

( ولا تلبسوا الحق بالباطل . وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ) . .

ولقد زاول اليهود هذا التلبيس والتخليط وكتمان الحق في كل مناسبة عرضت لهم ، كما فصل القرآن في مواضع منه كثيرة ؛ وكانوا دائما عامل فتنة وبلبلة في المجتمع الإسلامي ، وعامل اضطراب وخلخلة في الصف المسلم . وسيأتي من أمثلة هذا التلبيس الشيء الكثير !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَا تَلۡبِسُواْ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُواْ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (42)

يقول تعالى ناهيًا لليهود عما كانوا يتعمدونه ، من تلبيس{[1644]} الحق بالباطل ، وتمويهه به{[1645]} وكتمانهم الحق وإظهارهم الباطل : { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }{[1646]} فنهاهم عن الشيئين معًا ، وأمرهم بإظهار الحق والتصريح به ؛ ولهذا قال الضحاك ، عن ابن عباس { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } لا تخلطوا الحق بالباطل والصدق بالكذب .

وقال أبو العالية : { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } يقول : ولا تخلطوا الحق بالباطل ، وأدوا النصيحة لعباد الله من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

ويروى{[1647]} عن سعيد بن جبير والربيع بن أنس ، نحوه .

وقال قتادة : { وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } [ قال ]{[1648]} ولا تلبسوا اليهودية والنصرانية بالإسلام ؛ إن دين الله الإسلام ، واليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله .

وروي عن الحسن البصري نحو ذلك .

وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أي : لا تكتموا ما عندكم من المعرفة برسولي وبما جاء به ، وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم . وروي عن أبي العالية نحو ذلك .

وقال مجاهد ، والسدي ، وقتادة ، والربيع بن أنس : { وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ } يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم .

[ قلت : { وَتَكْتُمُوا } يحتمل أن يكون مجزومًا ، ويجوز أن يكون منصوبًا ، أي : لا تجمعوا بين هذا وهذا كما يقال : لا تأكل السمك وتشرب اللبن . قال الزمخشري : وفي مصحف ابن مسعود : " وتكتمون الحق " أي : في حال كتمانكم الحق وأنتم تعلمون حال أيضًا ، ومعناه : وأنتم تعلمون الحق ، ويجوز أن يكون المعنى : وأنتم تعلمون ما في ذلك من الضرر العظيم على الناس من إضلالهم عن الهدى المفضي بهم إلى النار إلى أن سلكوا ما تبدونه لهم من الباطل المشوب بنوع من الحق لتروّجوه عليهم ، والبيان الإيضاح وعكسه الكتمان وخلط الحق بالباطل ]{[1649]} .


[1644]:في جـ، ط، ب: "تلبيسهم".
[1645]:في جـ، ب: "تمويههم".
[1646]:في جـ: "وتكتمون" وهو خطأ.
[1647]:في جـ، ط، ب، أ، و: "وروي".
[1648]:زيادة من جـ، ط، ب.
[1649]:زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَلۡبِسُواْ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُواْ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (42)

{ ولا تلبسوا الحق بالباطل } عطف على ما قبله . واللبس الخلط وقد يلزمه جعل الشيء مشتبها بغيره ، والمعنى لا تخلطوا الحق المنزل عليكم بالباطل الذي تخترعونه وتكتمونه حتى لا يميز بينهما ، أو ولا تجعلوا الحق ملتبسا بسبب خلط الباطل الذي تكتبونه في خلاله ، أو تذكرونه في تأويله .

{ وتكتموا الحق } جزم داخل تحت حكم النهي كأنهم أمروا بالإيمان وترك الضلال ، ونهوا عن الإضلال بالتلبيس على من سمع الحق والإخفاء على من لم يسمعه ، أو نصب بإضمار أن على أن الواو للجمع بمعنى مع ، أي لا تجمعوا لبس الحق بالباطل وكتمانه ، ويعضده أنه في مصحف ابن مسعود " وتكتمون " أي وأنتم تكتمون بمعنى كاتمين ، وفيه إشعار بأن استقباح اللبس لما يصحبه من كتمان الحق .

{ وأنتم تعلمون } عالمين بأنكم لابسون كاتمون فإنه أقبح إذ الجاهل قد يعذر .