الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَلَا تَلۡبِسُواْ ٱلۡحَقَّ بِٱلۡبَٰطِلِ وَتَكۡتُمُواْ ٱلۡحَقَّ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (42)

{ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي } أي ببيان صفة محمد ونعته . { ثَمَناً قَلِيلاً } شيئاً يسيراً ، وذلك أنّ رؤساء اليهود كانت لهم مآكل يصيبونها من سفلتهم وعوامّهم يأخذون منهم شيئاً معلوماً كلّ عام من زروعهم [ فخافوا أن تبينوا ] صفة محمد صلى الله عليه وسلم وبايعوه أن تفوتهم تلك المآكل والرّياسة ، فاختاروا الدنيا على الآخرة . { وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ } فاخشوني في أمر محمد لا فيما يفوتكم من الرياسة والمأكل . { وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ } ولا تخلطوا ، يقال : [ لبست عليهم الأمر ألبسه لبساً إذا خلطته عليهم ] أي خلطت وشبهت الحقّ الذي أنزل اليكم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم . { بِالْبَاطِلِ } ، الذي تكتمونه ، وهو تجدونه في كتبكم من نعته وصفته .

وقال مقاتل : إنّ اليهود أقرّوا ببعض صفه محمد صلى الله عليه وسلم وكتموا بعضاً واختلفوا في ذلك ، فقال الله عز وجل : { وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ } الذي تقرّون به وتبيّنونه بالباطل ، يعني بما تكتمونه ، فالحق بيانهم والباطل كتمانهم .

وقيل : معناه ولا تلبسوا الحقّ [ . . . . من الباطل ] صفة أو حال . { وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ } يعني ولا تكتموا الحق كقوله تعالى : { لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ } [ الأنفال : 27 ] . { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } إنّه نبيٌّ مرسل .