وقوله : { ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون }
إن شئت جعلت " وتكتموا " في موضع جزم ؛ تريد به : ولا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق ، فتلقي " لا " لمجيئها في أول الكلام . وفي قراءة أُبيّ : { ولا تكونوا أول كافر به وتشتروا بآياتي ثمنا قليلا } فهذا دليل على أن الجزم في قوله : { وتكتموا الحق } مستقيم صواب ، ومثله : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام } وكذلك قوله : { يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون } وإن شئت جعلت هذه الأحرف المعطوفة بالواو نصبا على ما يقول النحويون من الصرف ؛ فإن قلت : وما الصرف ؟ قلت : أن تأتي بالواو معطوفة على كلام في أوله حادثة لا تستقيم إعادتها على ما عطف عليها ، فإذا كان كذلك فهو الصرف ؛ كقول الشاعر :
لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
ألا ترى أنه يجوز إعادة " لا " في " تأتي مثله " فلذلك سمي صرفا إذ كان معطوفا ولم يستقم أن يعاد فيه الحادث الذي قبله . ومثله من الأسماء التي نصبتها العرب وهي معطوفة على مرفوع قولهم : لو تركت والأسد لأكلك ، ولو خليت ورأيك أن حرفا لا يستقيم فيه ما حدث في الذي قبله . قال : فإن العرب تجيز الرفع ؛ لو ترك عبد الله والأسد لأكله ، فهل يجوز في الأفاعيل التي نصبت بالواو على الصرف أن تكون مردودة على ما قبلها وفيها معنى الصرف ؟ قلت : نعم ؛ العرب تقول : لست لأبي إن أقتلك أو تذهب نفسي ، ويقولون : والله لأضربنك أو تسبقني في الأرض ، فهذا مردود على أول الكلام ، ومعناه الصرف ؛ لأنه لا يجوز على الثاني إعادة الجزم بلم ، ولا إعادة اليمين على والله لتسبقني ، فتجد ذلك إذا أمتحنت الكلام . والصرف في غير " لا " كثير إلا أنا أخرنا ذكره حتى تأتي مواضعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.