( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) . .
فالتوحيد هو قاعدة العقيدة منذ أن بعث الله الرسل للناس . لا تبديل فيها ولا تحويل . توحيد الإله وتوحيد المعبود . فلا انفصال بين الألوهية والربوبية ؛ ولا مجال للشرك في الألوهية ولا في العبادة . . قاعدة ثابتة ثبوت النواميس الكونية ، متصلة بهذه النواميس وهي واحدة منها .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِيَ إِلَيْهِ أَنّهُ لآ إِلََهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ } .
يقول تعالى ذكره : وما أرسلنا يا محمد من قبلك من رسول إلى أمة من الأمم إلا نوحي إليه أنه لا معبود في السموات والأرض تصلح العبادة له سواي فاعْبُدُونِ يقول : فأخلصوا لي العبادة ، وأفردوا لي الألوهة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَمَا أرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسولٍ إلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أنّه لا إلَهَ إلاّ أنا فاعْبُدُونِ قال : أرسلت الرسل بالإخلاص والتوحيد ، لا يقبل منهم قال أبو جعفر : أظنه أنا قال عمل حتى يقولوه ويقرّوا به والشرائع مختلفةٌ ، في التوراة شريعة وفي الإنجيل شريعة وفي القرآن شريعة حلال وحرام . وهذا كله في الإخلاص لله والتوحيد له .
لما أظهر لرسوله أن المعاندين لا يعلمون الحق لإعراضهم عن تلقّيه أقبل على رسوله صلى الله عليه وسلم بتأييد مقاله الذي لقّنه أن يجيبهم به وهو قوله تعالى : { قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي } [ الأنبياء : 24 ] ، فأفادهُ تعميمه في شرائع سائر الرسل سواء من أنزل عليه كتاب ومن لم ينزل عليه كتاب ، وسواء من كان كتابه باقياً مثل موسى وعيسى وداود ومن لم يبق كتابه مثل إبراهيم .
وليس ذكر هذه الجملة لمجرد تقرير ما قبلها من آي التوحيد وإن أفادت التقرير تبعاً لفائدتها المقصودة . وفيها إظهارٌ لعناية الله تعالى بإزالة الشرك من نفوس البشر وقطع دابره إصلاحاً لعقولهم بأن يُزال منها أفظع خطل وأسخف رأي ، ولم تَقطع دابرَ الشرك شريعةٌ كما قطعه الإسلام بحيث لم يحدث الإشراك في هذه الأمَّة .
وحرف ( مِن ) في قوله تعالى { مِن رسول } مزيد لتوكيد النفي .
وفرع فيما أوحي إليهم أمرَه إياهم بعبادته على الإعلان بأنه لا إله غيره ، فكان استحقاق العبادة خاصاً به تعالى .
وقرأ الجمهور { إلاّ يُوحى إليه } بمثناة تحتية مبنياً للنائب ، وقرأه حفص وحمزة والكسائي بالنون مبنياً للفاعل ، والاستثناءُ المفرّع في موضع الحال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.