معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ} (5)

{ علمت نفس ما قدمت وأخرت } قيل : { ما قدمت } من عمل صالح أو سيئ ، و{ أخرت } من سنة حسنة أو سيئة . وقيل : { ما قدمت } من الصدقات { وأخرت } من التركات ، على ما ذكرنا في قوله : { ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخ } ( القيامة- 13 ) .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ} (5)

يؤيد هذا ويتناسق معه قوله بعد عرض هذه المشاهد والأحداث : ( علمت نفس ما قدمت وأخرت ) . . أي ما فعلته أولا وما فعلته أخيرا . أو ما فعلته في الدنيا ، وما تركته وراءها من آثار فعلها . أو ما استمتعت به في الدنيا وحدها ، وما ادخرته للآخرة بعدها .

على أية حال سيكون علم كل نفس بهذا مصاحبا لتلك الأهوال العظام . وواحدا منها مروعا لها كترويع هذه المشاهد والأحداث كلها !

والتعبير القرآني الفريد يقول : ( علمت نفس ) . . وهو يفيد من جهة المعنى : كل نفس . ولكنه أرشق وأوقع . . كما أن الأمر لا يقف عند حدود علمها بما قدمت وأخرت . فلهذا العلم وقعه العنيف الذي يشبه عنف تلك المشاهد الكونية المتقلبة . والتعبير يلقي هذا الظل دون أن يذكره نصا . فإذا هو أرشق كذلك وأوقع !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ} (5)

وقوله : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ وأخّرَتْ يقول تعالى ذكره : علمت كلّ نفس ما قدّمت لذلك اليوم من عمل صالح ينفعه ، وأخرت وراءه من شيء سنّه فعمل به .

واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : ثني عن القُرَظِيّ ، أنه قال في : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ وَأخّرَتْ قال : ما قدّمت مما عملت ، وأما ما أخّرت فالسنة يَسُنّها الرجل ، يعمل بها من بعده .

وقال آخرون : عُنِي بذلك : ما قدّمت من الفرائض التي أدتها ، وما أخرّت من الفرائض التي ضيعتها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن أبيه ، عن سعيد بن مسروق ، عن عكرِمة عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ قال : ما افترض عليها وَما أخّرَتْ قال : مما افترض عليها .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ وَأخّرَتْ قال : تعلم ما قدّمت من طاعة الله ، وما أخرت مما أُمِرَت به من حقّ لله عليه لم تعمل به .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : عَلمَتْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ وأخّرَتْ قال : ما قدّمت من خير ، وأخّرت من حق الله عليها لم تعمل به .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، ما قَدّمَتْ وأخّرَتْ قال : ما قدمت من طاعة الله وما أخرت من حق الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ وأخّرَتْ قال : ما قدّمت : عملت ، وما أخرت : تركت وضيّعت ، وأخرت من العمل الصالح الذي دعاها الله إليه .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : ما قدّمت من خير أو شرّ ، وأخّرت من خير أو شرّ . ذكر من قال ذلك :

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا العوّام ، عن إبراهيم التيميّ ، قال : ذكروا عنده هذه الاَية عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدّمَتْ وَأخّرَتْ قال : أنا مما أخّر الحَجاج .

وإنما اخترنا القول الذي ذكرناه ، لأن كلّ ما عمل العبد من خير أو شرّ فهو مما قدّمه ، وأن ما ضيّع من حقّ الله عليه وفرّط فيه فلم يعمله ، فهو مما قد قدّم من شرّ ، وليس ذلك مما أخّر من العمل ، لأن العمل هو ما عمله ، فأما ما لم يعمله فإنما هو سيئة قدّمها ، فلذلك قلنا : ما أخر : هو ما سنه من سنة حسنة وسيئة ، مما إذا عمل به العامل كان له مثل أجر العامل بها أو وزره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ} (5)

وقوله تعالى : { علمت نفس } هو جواب { إذا } ، و { نفس } هنا اسم الجنس وإفرادها لتبين لذهن السامع حقارتها وقلتها وضعفها عن منفعة ذاتها إلا من رحم الله تعالى ، وقال كثير من المفسرين في معنى قوله تعالى : { ما قدمت وأخرت } إنها عبارة عن جميع الأعمال لأن هذا التقسيم يعم الطاعات المعمولة والمتروكة وكذلك المعاصي . وقال ابن عباس والقرظي محمد بن كعب : { ما قدمت } في حياتها وما { أخرت } مما سنته فعمل به بعد موتها