نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ} (5)

ولما كانت هذه الشروط كلها التي جعلت أشراطاً{[72019]} على الساعة موجبة لعلوم دقيقة ، وتكشف كل واحدة منها عن أمور عجيبة ، وكانت كلها دالة على الانتقال من هذه الدار إلى دار أخرى لخراب هذه الدار ، ناسب أن يجيب " إذ " بقوله : { علمت نفس } أي جميع النفوس بالإنباء بالحساب وبما يجعل لها سبحانه بقوة التركيب من ملكة للاستحضار كما قال تعالى : { فكشفنا عنك غطاءك } والدال على إرادة العموم التعبير بالتنكير في سياق التخويف والتحذير مع العلم بأن النفوس كلها في علم مثل هذا وجهله على حد سواء ، {[72020]}فمهما ثبت{[72021]} للبعض ثبت للكل ، ولعله نكر إشارة إلى أنه ينبغي لمن وهبه الله عقلاً أن يجوّز أنه هو المراد فيخاف : { ما قدمت } أي من عمل{[72022]} { وأخرت * } أي جميع ما عملت من خير أو شر أو غيرهما ، أو ما قدمت قبل الموت{[72023]} وما أخرت من سنة تبقى بعده .

وقال الإمام أبو جعفر ابن الزبير : هذه السورة كأنها من تمام سورة التكوير لاتحاد القصد فاتصالها بها واضح وقد مضى نظير هذا - انتهى .


[72019]:من م، وفي الأصل و ظ: أشراط.
[72020]:من ظ و م، وفي الأصل: فهما يثبت.
[72021]:من ظ و م، وفي الأصل: فهما يثبت.
[72022]:زيد في الأصل: أما وأما ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[72023]:من ظ و م، وفي الأصل: الموته.