المقام الثالث : في تفسير قوله : { علمت نفس ما قدمت وأخرت } وفيه احتمالان ( الأول ) : أن المراد بهذه الأمور ذكر يوم القيامة ، ثم فيه وجوه ( أحدها ) : وهو الأصح أن المقصود منه الزجر عن المعصية ، والترغيب في الطاعة ، أي يعلم كل أحد في هذا اليوم ما قدم ، فلم يقصر فيه وما أخر فقصر فيه ، لأن قوله : { ما قدمت } يقتضي فعلا و{ ما أخرت } يقتضي تركا ، فهذا الكلام يقتضي فعلا وتركا وتقصيرا وتوفيرا ، فإن كان قدم الكبائر وأخر العمل الصالح فمأواه النار ، وإن كان قدم العمل الصالح وأخر الكبائر فمأواه الجنة ( وثانيها ) : ما قدمت من عمل أدخله في الوجود وما أخرت من سنة يستن بها من بعده من خير أو شر ( وثالثها ) : قال الضحاك : ما قدمت من الفرائض وما أخرت أي ما ضيعت ( ورابعها ) : قال أبو مسلم : ما قدمت من الأعمال في أول عمرها وما أخرت في آخر عمرها ، فإن قيل : وفي أي موقف من مواقف القيامة يحصل هذا العلم ؟ قلنا : أما العلم الإجمالي فيحصل في أول زمان الحشر ، لأن المطيع يرى آثار السعادة ، والعاصي يرى آثار الشقاوة في أول الأمر . وأما العلم التفصيل ، فإنما يحصل عند قراءة الكتب والمحاسبة .
الاحتمال الثاني : أن يكون المراد قيل : قيام القيامة بل عند ظهور أشراط الساعة وانقطاع التكاليف ، وحين لا ينفع العمل بعد ذلك كما قال : { لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } فيكون ما عمله الإنسان إلى تلك الغاية ، هو أول أعماله وآخرها ، لأنه لا عمل له بعد ذلك ، وهذا القول ذكره القفال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.