إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ} (5)

وقولُه تعالى : { عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } جوابُ إذا لكنْ لاَ على أنَّها تعلمُه عندَ البعثِ بل عند نشرِ الصحفِ لما عرفتَ من أنَّ المرادَ بها زمانٌ واحدٌ مبدؤُه النفخةُ الأُولى ومنتهاهُ الفصلُ بينَ الخلائقِ لا أزمنةٌ حسب تعددِ كلمةِ إذَا وإنما كُررتْ لتهويلِ ما في حيزهَا من الدَّواهِي ، والكلامُ فيَها كالذي مرَّ تفصيلُه في نظيرِهما ومَعْنى ما قَدَّم وأخَّر ما أسلفَ من عملِ خيرٍ أو شرَ وأخَّر من سُنَّةٍ حسنةٍ أو سيئةٍ يُعملُ بها بعدَهُ قالَه ابنُ عباسٍ وابنُ مسعودٍ ، وعن ابن عباسٍ أيضاً ما قدمَ منْ معصيةٍ وأخَّر من طاعةٍ وهو قولُ قتادةٍ وقيلَ : ما قدمَ من أمواله لنفسه وما أخَّر لورثته ، وقبل ما قدَّم من فرض وأخَّر من فرض ، وقيل : أولُ عملِه وآخرُهُ ومعنى علمِها التفصيليُّ حسبما ذُكِرَ فيَما مرَّ مراراً .