فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ} (5)

ثم ذكر سبحانه الجواب عما تقدّم فقال : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } والمعنى : أنها علمته عند نشر الصحف لا عند البعث ، لأنه وقت واحد من عند البعث إلى عند مصير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار ، والكلام في إفراد نفس هنا ، كما تقدّم في السورة الأولى في قوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } [ التكوير : 14 ] ومعنى { مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } ما قدّمت من عمل خير أو شرّ ، وما أخرت من سنة حسنة أو سيئة ، لأن لها أجر ما سنته من السنن الحسنة وأجر من عمل بها ، وعليها وزر ما سنته من السنن السيئة ووزر من عمل بها . وقال قتادة : ما قدّمت من معصية وأخرت من طاعة ، وقيل : ما قدّم من فرض وأخّر من فرض ، وقيل : أوّل عمله وآخره . وقيل : إن النفس تعلم عند البعث بما قدّمت وأخرت علماً إجمالياً لأن المطيع يرى آثار السعادة ، والعاصي يرى آثار الشقاوة ، وأما العلم التفصيلي فإنما يحصل عند نشر الصحف .

/خ19