التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{عَلِمَتۡ نَفۡسٞ مَّا قَدَّمَتۡ وَأَخَّرَتۡ} (5)

وقوله : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ } جواب { إذا } فى الآيات الأربع .

أى : إذا تم ذلك ، علمت كل نفس ما قدمت من خير أو شر ، وما أخرت من سنة حسنة ، أو سنة سيئة يعمل بها بعدها .

قال الجمل ما ملخصه : واعلم أن المراد من هذه الآيات أنه إذا وقعت هذه الأشياء التى هى أشراط الساعة ، فهناك يحصل الحشر والنشر ، وهى هنا أربعة : اثنان منها يتعلقان بالعلويات ، واثنان يتعلقان ، بالسفليات ، والمراد بهذه الآيات : بيان تخريب العالم ، وفناء الدنيا ، وانقطاع التكاليف . . وإنما كررت إذا لتهويل ما فى حيزها من الدواهى .

وجواب { إذا } وما عطف عليها قوله { عَلِمَتْ نَفْسٌ } أى : علمت كل نفس وقت هذه المذكورات الأربعة { مَّا قَدَّمَتْ } من الأعمال وما أخرت منها فلم تعمله .

ومعنى علم النفس بما قدمت وأخرت : العلم التفصيلى . وذلك عند نشر الصحف - كما تقدم فى سورة التكوير - أما العلم الإِجمالى فيحصل فى أول زمن الحشر ، لأن المطيع يرى آثار السعادة ، والعاصى يرى آثار الشقاوة فى أول الأمر ، وأما العلم التفصيلى فإنما يحصل عند قراءة الكتب والمحاسبة . .

وبعد أن أشار - سبحانه - إلى أهوال علامات الساعة التى من شأنها أن تنبه العقول والحواس والمشاعر . .