معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

{ أليس ذلك } الذي فعل هذا { بقادر على أن يحيي الموتى } . أخبرنا أبو طاهر عمر بن عبد العزيز القاشاني ، أنبأنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي ، أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمر اللؤلؤي ، حدثنا أبو داود سليمان بن أشعث ، حدثنا عبد الله بن محمد الزهري ، حدثنا سفيان ، حدثني إسماعيل بن أمية قال : سمعت أعرابياً يقول سمعت أبا هريرة يقول : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها : { أليس الله بأحكم الحاكمين }( التين- 8 ) ، فليقل : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، ومن قرأ : { لا أقسم بيوم القيامة } فانتهى إلى : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } فليقل : بلى ، ومن قرأ : { والمرسلات } فبلغ { فبأي حديث بعده يؤمنون } فليقل : آمنا بالله " . أخبرنا عمر بن عبد العزيز ، أنبأنا القاسم بن جعفر ، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي ، أنبأنا أبو داود ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن موسى بن أبي عائشة قال : " كان رجل يصلي فوق بيته فكان إذا قرأ : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } قال : سبحانك بلى ، فسألوه عن ذلك فقال : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

وأمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا على الحس البشري ، يجيء الإيقاع الشامل لجملة من الحقائق التي تعالجها السورة :

( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ? ) . .

بلى ! سبحانه ! فإنه لقادر على أن يحيي الموتى !

بلى ! سبحانه ! فإنه لقادر على النشأة الأخرى !

بلى ! سبحانه ! وما يملك الإنسان إلا أن يخشع أمام هذه الحقيقة التي تفرض نفسها فرضا .

وهكذا تنتهي السورة بهذا الإيقاع الحاسم الجازم ، القوي العميق ، الذي يملأ الحس ويفيض ، بحقيقة الوجود الإنساني وما وراءها من تدبير وتقدير . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

وقوله : ثُمّ كانَ عَلَقَةً يقول تعالى ذكره : ثم كان دما من بعد ما كان نطفة ، ثم علقة ، ثم سوّاه بشرا سويا ، ناطقا سميعا بصيرا فَجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَينِ الذّكَرَ والأُنْثَى يقول تعالى ذكره : فجعل من هذا الإنسان بعد ما سوّاه خلقا سويا أولادا له ، ذكورا وإناثا ألَيْسَ ذلكَ بقادِرٍ على أنْ يُحْيِيَ المَوْتَى يقول تعالى ذكره : أليس الذي فعل ذلك فخلق هذا الإنسان من نطفة ، ثم علقة حتى صيره إنسانا سويا ، له أولاد ذكور وإناث ، بقادر على أن يُحييَ الموتى من مماتهم ، فيوجدهم كما كانوا من قبل مماتهم . يقول : معلوم أن الذي قَدِر على خَلق الإنسان من نطفة من منيّ يمنى ، حتى صيره بشرا سويا ، لا يُعجزه إحياء ميت من بعد مماته وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ ذلك قال : «بلى » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ألَيْسَ ذلكَ بقادِرٍ على أن يُحْيِيَ المَوْتَى ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال : «سبحانك وبلَى » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

ولذلك رتب عليه قوله أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال سبحانك بلى وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة القيامة شهدت له أنا وجبريل يوم القيامة أنه كان مؤمنا به .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

ثم وقف تعالى توقيف التوبيخ وإقامة الحجة بقوله : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } وقرأ الجمهور بفتح الياء الأخيرة من » يحييَ « ، وقرأ طلحة بن مصرف وسليمان والفياض بن غزوان بسكونها ، هي تنحذف من اللفظ لسكون اللام من { الموتى } ، ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه الآية قال : » سبحانك اللهم وبحمدك وبلى{[11493]} « ، ويروى أنه كان يقول : » بلى{[11494]} «فقط .

نجز تفسير سورة { القيامة } والحمد لله رب العالمين .


[11493]:أخرجه عبد بن حميد، وابن الأنباري في المصاحف، عن صالح أبي الخليل، وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، عن قتادة في قوله تعالى: [سدى] قال: أن يهمل، وفي قوله: (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى)، قال: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: إذا قرأها : (سبحانه وبلى).
[11494]:أخرج البخاري في تاريخه عن أبي أمامة قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حجته، فكان يكثر من قراءة (لا أقسم بيوم القيامة)، فإذا قال: (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) سمعته يقول: (بلى) وأنا على ذلك من الشاهدين.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَيۡسَ ذَٰلِكَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يُحۡـِۧيَ ٱلۡمَوۡتَىٰ} (40)

وجملة { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } واقعة موقع النتيجة من الدليل لأن خلق جسم الإِنسان من عدم وهو أمر ثابت بضرورة المشاهدة ، أحق بالاستبعاد من إعادة الحياة إلى الجسم بعد الموت سواء بقي الجسم غير ناقص أو نقص بعضُه أو معظمه فهو إلى بَثثِ الحياة فيه وإعادةِ ما فنِيَ من أجزائه أقرب من إيجاد الجسم من عدم .

والاستفهام إنكار للمنفي إنكارَ تقرير بالإِثبات وهذا غالب استعمال الاستفهام التقريري أن يقع على نفي ما يراد إثباته ليكون ذلك كالتوسعة على المقرَّر إن أراد إنكاراً كناية عن ثقة المتكلم بأن المخاطب لا يستطيع الإِنكار .

وقد جاء في هذا الختام بمحسّن ردّ العجز على الصدر ، فإن السورة افتتحت بإنكار أن يحسب المشركون استحالة البعث ، وتسلسلَ الكلام في ذلك بأفانين من الإِثبات والتهديد والتشريط والاستدلال ، إلى أن أفضى إلى استنتاج أن الله قادر على أن يحييَ الموتى وهو المطلوب الذي قدم في قوله : { أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوّي بَنَانه } [ القيامة : 3 ، 4 ] .

وتعميم الموتى في قوله : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } بعدَ جريان أسلوببِ الكلام على خصوص الإِنسان الكافر أو خصوص كافر معيّن ، يجعل جملة { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } تذييلاً .