قوله تعالى : { أَلَيْسَ ذَلِكَ بَقَادِرٍ } أي : أليس الذي قدر على خلق هذه النسمة من قطرة ماء .
وقوله : «بقَادرٍ » اسم فاعل مجرور ب «باء » زائدة في خبر «ليس » وهذه قراءة العامة .
وقرأ زيد بن علي{[58770]} : «يقدر » فعلاً مضارعاً .
والعامة : على نصب «يحيى » ب «أن » لأن الفتحة خفيفة على حرف العلة .
وقرأ طلحة{[58771]} بن سليمان والفياض بن غزوان : بسكونها ، فإما أن يكون خفف حرف العلة بحذف حرف الإعراب . وإما أن يكون أجرى الوصل مجرى الوقف ، وجمهور النَّاس على وجوب فك الإدغام .
قال أبو البقاء : لئلا يجمع بين ساكنين لفظاً وتقديراً .
يعني أن الحاء ساكنة ، فلو أدغمنا لسكنا الياء الأولى أيضاً للإدغام ، فيلتقي ساكنان لفظاً ، وهو متعذر النطق ، فهذان ساكنان لفظاً .
وأما قوله : تقديراً ؛ فإن بعض الناس جوز الإدغام في ذلك ، وقراءته{[58772]} أن يُحْيِّ ، وذلك أنه لما أراد الإدغام نقل حركة الياء الأولى إلى الحاء فأدغمها فالتقى ساكنان ، الحاء لأنها ساكنة في الأصل قبل النقل إليها والياء ؛ لأن حركتها نقلت من عليها إلى الحاء ؛ واستشهد الفراء لهذه القراءة بقول الشاعر : [ الكامل ]
5018 - تَمْشِي بِسُدَّة بَيْتهَا فَتُعيّ *** . . . {[58773]}
وأما أهل «البصرة » فلا يدغمونه ألبتة قالوا : لأن حركة الياء عارضة إذ هي للإعراب .
وقال مكي : وقد أجمعوا على عدم الإدغام في حال الرفع ، وأما في حال النصب فقد أجازه الفرَّاء لأجل تحرك الياء الثانية ، وهو لا يجوز عند البصريين ، لأن الحركة عارضة .
قال شهاب الدين{[58774]} : ادعاؤه الإجماع مردود بالبيت الذي تقدم إنشاده عن الفراء ، وهو قوله : «فتعيّ » فهذا مرفوع وقد أدغم ، ولا يبعد ذلك لأنه لما أدغم ظهرت تلك الحركة لسكون ما قبل الياء بالإدغام " .
المعنى الذي قدر على خلق هذه النسمة من قطرة ماء قادر على أن يحيي الموتى أي : أن يعيد هذه الأجسام كهيئتها للبعث بعد البِلَى .
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أنَّه كَانَ إذَا قَرأهَا ، قال : «سُبحَانَكَ اللَّهُمَّ وبَلَى »{[1]} .
وقال ابن عباس : من قرأ { سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى } إماماً كان أو غيره فليقل : " سُبْحَانَ ربِّيّ الأعْلَى " ومن قرأ :{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القيامة } إلى آخرها فليقل : سبحانك اللهم بلى ، إماماً كان أو غير{[2]} .
روى الثعلبي عن أبيّ بن كعب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَنَ قَرَأ سُورةَ القِيامةِ شَهِدتُ أنَا وجِبْريلُ لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أنه كَانَ مُؤمِناً بِيوم القِيامَةِ وجَاءَ وَوجْههُ يُسْفِرُ عَن وُجُوهِ الخَلائقِ يَوْمَ القِيامَةِ " {[3]} والله أعلم وأحكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.