قوله تعالى : { فاتخذت } ، فضربت ، { من دونهم حجاباً } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ستراً . وقيل : جلست وراء الجدار . وقال مقاتل : وراء الجبل . وقال عكرمة : إن مريم كانت تكون في المسجد فإذا حاضت تحولت إلى بيت خالتها ، حتى إذا طهرت عادت إلى المسجد ، فبينما هي تغتسل من المحيض قد تجردت ، إذ عرض لها جبريل في صورة شاب أمرد ، وضيء الوجه ، جعد الشعر ، سوي الخلق ، فذلك قوله : { فأرسلنا إليها روحنا } ، يعني : جبريل عليه السلام ، { فتمثل لها بشراً سوياً } ، وقيل : المراد من الروح عيسى عليه السلام ، جاء في صورة بشر فحملت به . والأول أصح .
وقوله : فاتّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجابا يقول : فاتخذت من دون أهلها سترا يسترها عنهم وعن الناس . وذُكر عن ابن عباس ، أنها صارت بمكان يلي المشرق ، لأن الله أظلها بالشمس ، وجعل لها منها حجابا .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : انْتَبَذَتْ مِنْ أهْلِها مَكانا شَرْقِيّا قال : مكانا أظلتها الشمس أن يراها أحد منهم .
حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ فاتّخَذَتْ مِنْ دونِهِمْ حِجابا من الجدران .
وقوله : فأرْسَلْنا إلَيْها رُوحَنا يقول تعالى ذكره : فأرسلنا إليها حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا ، واتخذت من دونهم حجابا : جبريل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فأرْسَلْنا إلَيْها رُوحَنا قال : أرسل إليها فيما ذُكر لنا جبريل .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عمن لا يتهم ، عن وهب بن منبه ، قال : وجدت عندها جبريل قد مثله الله بشرا سويا .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قوله : فأرْسَلْنا إلَيْها رُوحَنا قال : جبريل .
حدثني محمد بن سهل ، قال : حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : ثني عبد الصمد بن معقل بن أخي وهب ، قال : سمعت وهب بن منبه ، قال : أرسل الله جبريل إلى مريم ، فَمَثَلَ لها بشرا سويا .
حدثنا موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : فلما طهرت ، يعني مريم من حيضها ، إذا هي برجل معها ، وهي قوله : فأرْسَلْنا إلَيْها رُوحَنا فَتَمَثّلَ لَها بَشَرا سَوِيّا يقول تعالى ذكره : فتشبه لها في صورة آدميّ سويّ الخلق منهم ، يعني في صورة رجل من بني آدم معتدل الخلق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.