فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَٱتَّخَذَتۡ مِن دُونِهِمۡ حِجَابٗا فَأَرۡسَلۡنَآ إِلَيۡهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرٗا سَوِيّٗا} (17)

{ فاتخذت مِن دُونِهِم حِجَاباً } أي اتخذت من دون أهلها حجاباً يسترها عنهم لئلا يروها حال العبادة ، أو حال التطهر من الحيض ، والحجاب الستر والحاجز { فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا } هو جبريل عليه السلام . وقيل : هو روح عيسى ، لأن الله سبحانه خلق الأرواح قبل الأجساد ، والأوّل أولى لقوله : { فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً } أي تمثل جبريل لها بشراً مستوي الخلق لم يفقد من نعوت بني آدم شيئاً . قيل : ووجه تمثل الملك لها بشراً أنها لا تطيق أن تنظر إلى الملك وهو على صورته ، فلما رأته في صورة إنسان حسن كامل الخلق قد خرق عليها الحجاب ظنت أنه يريدها بسوء ، فاستعاذت بالله منه و{ قَالَتْ إِنّي أَعُوذُ بالرحمن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً } .

/خ26