معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

قوله تعالى : { ولكل درجات مما عملوا } قال ابن عباس رضي الله عنهما : يريد من سبق إلى الإسلام ، فهو أفضل ممن تخلف عنه ولو بساعة . وقال مقاتل : ولكل فضائل بأعمالهم فيوفيهم الله جزاء أعمالهم . وقيل : ولكل : يعني ولكل واحد من الفريقين المؤمنين والكافرين درجات يعني منازل ومراتب عند الله يوم القيامة بأعمالهم ، فيجازيهم عليها . قال ابن زيد في هذه الآية : درج أهل النار تذهب سفالاً ، ودرج أهل الجنة تذهب علواً . { وليوفيهم } قرأ ابن كثير ، وأهل البصرة ، وعاصم : بالياء ، وقرأ الباقون بالنون . { أعمالهم } ليكتمل لهم ثواب أعمالهم . { وهم لا يظلمون* }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

15

وبعد بيان العاقبة والجزاء إجمالا للمهتدين والضالين ، يصور دقة الحساب والتقدير لكل فرد من هؤلاء وهؤلاء على حدة :

( ولكل درجات مما عملوا ، وليوفيهم أعمالهم ، وهم لا يظلمون ) . .

فلكل فرد درجته ، ولكل فرد عمله ، في حدود ذلك الإجمال في جزاء كل فريق .

وبعد ، فهذان النموذجان عامان في الناس ، ولكن مجيئهما في هذا الأسلوب ، الذي يكاد يحدد شخصين بذواتهما أوقع وأشد إحياء للمثل كأنه واقع .

ولقد وردت روايات أن كلا منهما يعني إنسانا بعينه . ولكن لم يصح شيء من هذه الروايات . والأولى اعتبارهما واردين مورد المثل والنموذج . يدل على هذا الاعتبار صيغة التعقيب على كل نموذج . فالتعقيب على الأول : ( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة . وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) . . والتعقيب على الثاني : ( أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس ، إنهم كانوا خاسرين ) . . ثم التعقيب العام : ( ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم ، وهم لا يظلمون ) . . وكلها توحي بأن المقصود هو النموذج المكرر من هؤلاء وهؤلاء .