اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

قوله : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ } قال ابن عباس ( رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا{[50980]} ) يريد من سبق إلى الإسلام فهو أفضل ممَّنْ تخلف عنه ولو ساعةً . وقال مقاتل : ولكل واحدٍ من الفريقين يعني البارَّ بوالديه والعاقّ لهما «دَرَجَاتٌ » في الإيمان والكفر والطاعة والمعْصِيَةِ{[50981]} .

فإن قيل : كيف يجوز إطلاق لفظ الدرجات في أهل النار ، وقد روي : الجَنَّةُ دَرَجَاتُ والنَّار دركات ؟

فالجواب من وجوه :

أحدهما : أن ذلك على جهة التغليب .

وثانيها : قال ابن زيد : دَرَجُ أهل الجنة تذهب عُلُوًّا ، ودَرَجُ أهلِ النار تذهب هُبُوطاً .

الثالث : المراد بالدرجات المراتب المتزايدة ، فدرجات أهل الجنة في الخيرات والطاعات ودرجات أهل النار في المعاصي والسيئات{[50982]} .

قوله : { وَلِيُوَفِّيَهُمْ } معلَّلة بمحذوف تقديره جَاؤُوهُمْ بذلك . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم وهشام بالياء من تحت وباقي السبعة بالنون{[50983]} . والسُّلَميّ بالتاء{[50984]} من فوق : أسند التَّوفيَةً للدرجات مجازاً . قوله : { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } إما استئناف وإما حال مؤكَّدة .


[50980]:زيادة من أ.
[50981]:الرازي 28/24 والقرطبي 16/198.
[50982]:الرازي 28/24.
[50983]:قراءة متواترة ذكرها صاحب الإتحاف 392، والسبعة 598 وباقي السبعة هم نافع وابن عامر وحمزة والكسائي.
[50984]:نسبها ابن خالويه في المختصر إلى علي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن أبي بكر وهي شاذة وإن كانت جائزة لغة، ونسبها المؤلف كنسبة أبي حيان في البحر 8/62 بينما أوردها الكشاف قراءة دون عزو الكشاف 3/523، وقد أشار وقرر بأن هذه الجملة معللة لمحذوف كما تكلم المؤلف أعلى.