السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلِكُلّٖ دَرَجَٰتٞ مِّمَّا عَمِلُواْۖ وَلِيُوَفِّيَهُمۡ أَعۡمَٰلَهُمۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (19)

{ ولكل درجات مما عملوا } قال ابن عباس : يريد من سبق إلى الإسلام فهو أفضل ممن تخلف عنه ولو ساعة وقال مقاتل : ولكل واحد من الفريقين يعنى البارّ بوالديه والعاق لهما درجات في الإيمان والكفر والطاعة والمعصية .

فإن قيل كيف يجوز إطلاق لفظ الدرجات على أهل النار وقد روي «الجنة درجات والنار دركات » أجيب من وجوه أحدها : أنّ ذلك على جهة التغليب وثانيها : قال ابن زيد : درج أهل الجنة تذهب علواً ، ودرج أهل النار تذهب هبوطاً وثالثها : المراد بالدرجات المراتب المتزايدة ، فدرجات أهل الجنة في الخيرات والطاعات ، ودرجات أهل النار في المعاصي والسيئات .

وقوله تعالى : { وليوفيهم أعمالهم } أي : جزاءها معلله محذوف ، تقديره : جازاهم بذلك . وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو وهشام ، وعاصم : بالياء التحتية أي : الله والباقون بالنون أي نحن وقوله تعالى : { وهم لا يظلمون } أي : شيئاً بنقص للمؤمنين ولا بزيادة للكافرين ( والواو ) إمّا استئناف وإمّا حال مؤكدة .