قوله تعالى : { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولداً } .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، أنا عمرو بن حفص ، أنا أبي ، أنا الأعمش عن مسلم ، عن مسروق ، حدثنا خباب قال : كنت قيناً ، فعملت للعاص بن وائل ، فاجتمع مالي عنده فأتيناه أتقاضاه ، فقال : لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد ، فقلت : أما والله حتى تموت ثم تبعث فلا ، قال : وإني لميت ثم مبعوث ؟ قلت : نعم ، قال : فإنه سيكون لي ثم مال وولد فأقضيك ، فأنزل الله عز وجل : { أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولداً } .
{ 77 - 82 } { أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا * أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا * كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا * وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا }
أي : أفلا تتعجب من حالة هذا الكافر ، الذي جمع بين كفره بآيات الله ودعواه الكبيرة ، أنه سيؤتى في الآخرة مالا وولدا ، أي : يكون من أهل الجنة ، هذا من أعجب الأمور ، فلو كان مؤمنا بالله وادعى هذه الدعوى ، لسهل الأمر .
وهذه الآية -وإن كانت نازلة في كافر معين- فإنها تشمل كل كافر ، زعم أنه على الحق ، وأنه من أهل الجنة .
تفريع على قوله { ويقول الإنسان أإذا ما متّ لسوفَ أخرج حياً } [ مريم : 66 ] وما اتصل به من الاعتراض والتفريعات . والمناسبة : أن قائل هذا الكلام كان في غرور مثل الغرور الذي كان فيه أصحابه . وهو غرور إحالة البعث .
والآية تشير إلى قصة خبّاب بن الأرتّ مع العاصي بن وائل السهمي . ففي « الصحيح » : أن خبّاباً كان يصنع السيوف في مكة ، فعمل للعاصي بن وائل سَيفاً وكان ثمنه دَيناً على العاصي ، وكان خبّاب قد أسلم ، فجاء خبّاب يتقاضى دَينه من العاصي فقال له العاصي بن وائل : لا أقضيكه حتى تكفر بمحمّد ، فقال خبّاب ( وقد غضب ) : لا أكفر بمحمد حتى يميتك الله ثمّ يبعثك . قال العاصي : أو مبعوثٌ أنا بعد الموت ؟ قال : نعم . قال ( العاصي متهكماً ) : إذا كان ذلك فسيكون لي مال وولد وعند ذلك أقضيك دَينَك » . فنزلت هذه الآية في ذلك . فالعاصي بن وائل هو المراد بالذي كفر بآياتنا .
والاستفهام في { أفرأيت } مستعمل في التعجيب من كفر هذا الكافر .
والرؤية مستعارة للعلم بقصته العجيبة . نُزلت القصة منزلة الشيء المشاهد بالبصر لأنه من أقوى طرق العلم . وعبر عنه بالموصول لما في الصلة من منشأ العجب ولا سيما قوله { لأُوتين مالاً وولداً } .
والمقصود من الاستفهام لفت الذهن إلى معرفة هذه القصة أو إلى تذكرها إن كان عالماً بها .
والخطاب لكل من يصلح للخطاب فلم يُرد به معيّن . ويجوز أن يكون خطاباً للنبيء صلى الله عليه وسلم
والآيات : القرآن ، أي كفر بما أنزل إليه من الآيات وكذب بها . ومن جملتها آيات البعث .
والوَلَد : اسم جَمْع لوَلَد المفرد ، وكذلك قرأه الجمهور ، وقرأ حمزة والكسائي في هذه السورة في الألفاظ الأربعة « ووُلْد » بضمّ الواو وسكون اللام فهو جمع ولد ، كأسد وأسد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.