فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِـَٔايَٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالٗا وَوَلَدًا} (77)

{ أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا ( 77 ) أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا ( 78 ) كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ( 79 ) ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ( 80 ) واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا ( 81 ) كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا ( 82 ) ألم تر أن أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا ( 83 ) فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا ( 84 ) يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ( 85 ) } .

{ أفرأيت الذي كفر بآياتنا } استفهام تعجيب أي أخبرني بقصة هذا الكافر يعني " عاص بن وائل " واذكر حديثه عقب حديث أولئك ، وإنما استعملوا : أرأيت بمعنى أخبر لأن رؤية الشيء من أسباب صحة الخبر عنه ، والآيات تعم كل آية ، ومن جملتها آية البعث والفاء للعطف على مقدر أي أنظرت فرأيت واللام في { وقال لأوتين } هي الموطئة للقسم كأنه قال : والله لأوتين في الآخرة { مالا ولدا } وهذا من شدة تعنته بكفره أي انظر إلى حال هذا الكافر ، وتعجب من كلامه وتألّيه على الله مع كفره به وتكذيبه بآياته .

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما في الآية من حديث خباب بن الأرتّ قال : كنت رجلا قينا وكان لي على العاص بن وائل{[1178]}دين فأتيته أتقاضه فقال : لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم فقلت والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث قال : إذا مت ثم بعثت جئتني ولي ثمّ مال وولد فأعطيك فأنزل الله فيه هذه الآية .

وقرئ ولدا بضم الواو وبفتحها قيل هما لغتان معناهما واحد يقال ولد وولد كما يقال : عدم وعدم ، وقيل بالضم للجمع وبالفتح للواحد ، وقد ذهب الجمهور إلى أن هذا الكافر أراد بقوله : { لأوتين مالا وولدا } أنه يؤتى ذلك في الدنيا ، وقال جماعة في الجنة ، قيل والمعنى أن أقمت على دين آبائي لأوتين ، وقيل المعنى لو كنت على باطل لما أوتيت مالا وولدا ، ثم أجاب الله سبحانه عن قول هذا الكافر بما يدفعه ويبطله فقال :


[1178]:هو أب سيدنا عمرو فهو جد عبد الله بن عمرو أحد العبادلة أهـ منه.