البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَفَرَءَيۡتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِـَٔايَٰتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالٗا وَوَلَدًا} (77)

{ أفرأيت الذي كفر بآياتنا } نزلت في العاصي بن وائل عمل له خباب بن الأرث عملاً وكان قيناً ، فاجتمع له عنده دين فتقاضاه فقال : لا أنصفك حتى تكفر بمحمد ، فقال خباب : لا أكفر بمحمد حتى يميتك الله ويبعثك .

فقال العاصي : أو مبعوث أنا بعد الموت ؟ فقال خباب : نعم ، قال : فائت إذا كان ذلك فسيكون لي مال وولد وعند ذلك أقضيك دينك .

وقال الحسن : نزلت في الوليد بن المغيرة وقد كانت للوليد أيضاً أقوال تشبه هذا الغرض ، ولما كانت رؤية الأشياء سبيلاً إلى الإحاطة بها وصحة الخبر عنها استعملوا أرأيت بمعنى أخبر ، والفاء للعطف أفادت التعقيب كأنه قيل : أخبر أيضاً بقصة هذا الكافر عقيب قصة أولئك ، والآيات : القرآن والدلالات على البعث .

وقرأ الجمهور { ولداً } أربعتهن هنا ، وفي الزخرف بفتح اللام والواو ويأتي الخلاف في نوح .

وقرأ الأعمش وطلحة والكسائي وابن أبي ليلى وابن عيسى الأصبهاني بضم الواو وإسكان اللام ، فعلى قراءة الجمهور يكون المعنى على الجنس لا ملحوظاً فيه الإفراد وإن كان مفرد اللفظ ، وعلى هذه القراءة فقيل هو جمع كأسد وأسد ، واحتج قائل ذلك بقول الشاعر :

ولقد رأيت معاشراً *** قد ثمروا مالاً وولداً

وقيل : هو مرادف للولد بالفتحتين واحتجوا بقوله :

فليت فلاناً كان في بطن أمه*** وليت فلاناً كان ولد حمار

وقرأ عبد الله ويحيى بن يعمر بكسر الواو وسكون اللام والهمزة في اطلع للاستفهام ، ولذلك عادلتها { أم } .