قوله تعالى : { وقالوا } لموسى لما عاينوا العذاب ، { يا أيها الساحر } يا أيها العالم الكامل الحاذق ، وإنما قالوا هذا توقيراً وتعظيماً له ، لأن السحر عندهم كان علماً عظيما وصفةً ممدوحة ، وقيل : معناه يا أيها الذي غلبنا بسحره . وقال الزجاج : خاطبوه به لما تقدم له عندهم من التسمية بالساحر . { ادع لنا ربك بما عهد عندك } أي بما أخبرتنا من عهده إليك إن آمنا كشف عنا العذاب فاسأله يكشف عنا العذاب ، { إننا لمهتدون } مؤمنون ، فدعا موسى فكشف عنهم فلم يؤمنوا ، فذلك قوله عز وجل : { فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون } .
{ وَقَالُوا } عندما نزل عليهم العذاب : { يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ } يعنون موسى عليه السلام ، وهذا ، إما من باب التهكم به ، وإما أن يكون هذا الخطاب عندهم مدحا ، فتضرعوا إليه بأن خاطبوه بما يخاطبون به من يزعمون أنهم علماؤهم ، وهم السحرة ، فقالوا : { يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ } أي : بما خصك اللّه به ، وفضلك به ، من الفضائل والمناقب ، أن يكشف عنا العذاب { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } إن كشف اللّه عنا ذلك .
{ وقالوا يا أيّهَ الساحر } نادوه بذلك في تلك الحال لشدة شكيمتهم وفرط حماقتهم ، أو لأنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحرا . وقرأ ابن عامر بضم الهاء { ادع لنا ربك } فيكشف عنا العذاب . { بما عهد عندك } بعهده عندك من النبوة ، أو من أن يستجيب دعوتك ، أو أن يكشف العذاب عمن اهتدى ، أو { بما عهد عندك } فوفيت به وهو الإيمان والطاعة . { إننا لمهتدون } .
وقوله تعالى : { وقالوا يا أيه الساحر } جائز أن يكون قائل ذلك من أعملهم بكفر السحر فيقول : قوله استهزاء وهو يعلم قدر السحر وانحطاط منزلته ، ويكون قوله : { عندك } بمعنى : في زعمك وعلى قولك ، ويحتمل أن يكون القائل ليس من المتمردين الحذاق ويطلق لفظة الساحر لأحد وجهين ، إما لأن السحر كان عند عامتهم علم الوقت ، فكأنه قال : يا أيه العالم ، وإما لأن هذه الاسمية قد كانت انطلقت عندهم على موسى لأول ظهورها ، فاستصحبها هذا القائل في مخاطبة قلة تحرير وغباوة ، ويكون القول على هذا التأويل جداً من القائل ، ويكون قوله : { إنا لمهتدون } بمعنى إن نفعتنا دعوتك ، وهذا التأويل أرجح ، أعني أن كلام هذا القائل مقترن بالجد .
وقرأ ابن عامر وحده : «يا أيُ » بياء مضمومة فقط{[10219]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.