اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالُواْ يَـٰٓأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهۡتَدُونَ} (49)

قوله : { وَقَالُواْ يا أيها الساحر } تقدم الكلام فيه في النور ، والمعنى أنهم لما عاينوا العذاب قالوا لموسى يا أيها السَّاحرُ ، أي يا أيها الكامل الحاذق ، وإنما قالوا هذا توقيراً وتعظيماً ؛ لأن السحر عندهم كان علماً عظيماً ، وصفةً محمودةً .

وقيل : معناه «يا أيها الذين غلَبَنَا بسحره »{[49928]} . وقال الزجاج : خاطبوه به لما تقدم له عندهم من التسمية{[49929]} بالساحر .

فإن قيل : كيف سَمَّوهُ بالساحر{[49930]} مع قولهم : إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ؟ ! .

فالجواب من وجوه :

الأول : أنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحراً ، لأنهم يستعظمون السحر وكما يقال في زماننا في العمل العجيب الكامل : إنه أتى بالسحر .

والثاني : أيُّهَا السَّاحِر في زعم الناس ، ومتعارف قوم فرعون ، كقوله : { وَقَالُواْ يا أيها الذي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذكر إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } [ الحجر : 6 ] أي نزل عليه الذكر في اعتقاده وزعمه .

الثالث : أن قولهم : { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } وقد كانوا عازمين على خلافه ،

ألا ترى إلى قوله { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ العذاب إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } فتسميتهم إياه بالساحر لا ينافي قوله : { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ }{[49928]} .

قوله : { ادع لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } أي بما أخبرنا عن عهده إليك إن آمنا كشف عنا العذاب فاسأله يكشف عنا إننا لمهتدون مؤمنون .


[49928]:انظر القرطبي 16/97 و98.
[49929]:معاني القرآن وإعرابه 4/414.
[49930]:سقط من ب.