الآية 49 وقوله تعالى : { وقالوا يا أيها الساحر ادعُ لنا ربّك بما عهد عندك إننا لمُهتدون } والإشكال أنهم كيف يسمّونه ساحرا ، وكانوا يطلبون منه أن يدعو ربه ، ويسأل ، حتى يكشف عنهم العذاب ؟
رُوي عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه قال : ]{[18971]} سمّوه ساحرا لأن الساحر عندهم ، هو العالم المُعظَّم الذي بلغ في العلم غايته ونهايته ، لذلك { وقالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك } وإلا لا يحتمل أن يكونوا يسألونه ، ويطلبون منه أن يدعو ربه ليكشف عنهم العذاب ، ثم يسمّونه ساحرا ، ويعنون به سحرا للكذب والباطل ، والله أعلم .
وقال مقاتل : إنهم { وقالوا يا أيها الساحر ادعُ لنا ربك } قال لهم موسى عليه السلام كيف أدعو ربي ليكشف عنكم ما ينزل بكم ، وقد تسمّونني ساحرا ، فرجعوا عن ذلك ، قالوا { يا موسى ادع لنا ربك بما عهِد عندك } على ما ذكر في سورة الأعراف{[18972]} ، والله أعلم .
ويحتمل أن يكون قوله : { يا أيها الساحر ادع لنا ربك } سمّوه ساحرا على ما كان عندهم أنه ساحر ، فيقولون : إنك ساحر إلا أن تدعو ربك ، فيكشف عنا الرّجز ، فعند ذلك نعلم أنك لست بساحر وأنك رسول ، فنؤمن بك .
ويحتمل أن يكون عندهم أن اليد البيضاء والعصا وما أتى به موسى مما يبلغ السحر إلى تغيير ذلك عن جوهره ، ويُستفاد بالسحر مثله . لكن سألوا منه أن يسأل ربه ما ذكر لما علموا أن إجابة الدعاء في ما دعا لا يكون لساحر ، ولا يُجاب إلا للرسول والذي على الحق . فإذا أجابك إلى ما سألت آمنا بك ، والله أعلم .
ويحتمل أن يكونوا قالوا ذلك على حقيقة إرادة السحر على التناقض والتمويه على الأتباع كقوله تعالى : { وقالوا مهما تأتنا من آية لتسحرنا بها } [ الأعراف : 132 ] فبالآية لا يسحرهم بها ، لأن الآية هي التي [ لها حقيقة ، ودوام السحر هو الذي ]{[18973]} لا حقيقة له ، ولا دوام له . فإذا كانت آية لا يسحرهم بها ، ولا تكون عجزا ، وإذا كان سحرا لا تكون آية ، فكانت عامة أقوالهم خرجت على التناقض على ما ذكرنا في غير آية من القرآن . فعلى ذلك يحتمل هذا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { بما عهِد عندك } قد كان الله عز وجل عاهد موسى عليه السلام لئن آمنوا كشفنا عنهم العذاب . فلما دعاه{[18974]} ، وكشف عنهم العذاب لم يؤمنوا ، والله أعلم .
ويُشبه أن يكون عهده إليه ما جعله نبيا ، واختصّه لرسالته .
ويحتمل قوله تعالى : { بما عهِد عندك } على الإضمار ؛ كأنهم قالوا : ادع لنا ربك بما عهد كل واحد منا عندك لئن كشفت عنا العذاب إننا لمهتدون ، وهو قوله تعالى في آية أخرى : { لئن كشفت عنا الرِّجز لنؤمنن لك ولنرسِلن معك بني إسرائيل } [ الأعراف : 143 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.