ولما كان فرعون في كثير من الضربات التي كان يضربه بها سبحانه - كما مضى في الأعراف عن التوراة - يقول لموسى عليه الصلاة والسلام : قد أخطأت والرب بار وأنا وشعبي فجار ، فصلينا بين يدي الرب فإنه ذو إمهال وأناة ، فيصرف عني كذا ، فإذا صرف الله ذلك عنهم عاد على ما كان عليه من الفجور ، كان فعله ذلك فعل من لا يعتقد أنه موسى عليه الصلاة والسلام نبي حقيقة ، بل يعتقد أنه ساحر ، وأن أفعاله إنما هي خيال ، فكذلك عبر عن هذا المعنى بقوله عطفاً على ما تقديره ، فلم يرجعوا : { وقالوا } أي فرعون بالمباشرة وأتباعه بالموافقة له : { يا أيها الساحر } فنادوه بأداة البعد مع الإفهام بقالوا دون " نادوا " أنه حاضر إشارة إلى بعده من قلوبهم ، والتعبير بهذا توبيخ لقريش بالإشارة إلى أنهم وغيرهم ممن مضى يرمون الرسول بالسحر ويقرون برسالته عند الحاجة إلى دعائه في كشف ما عذبهم ربهم به ، وذلك قادح فيما يدعون من الثبات والشجاعة والعقل والإنصاف والشهامة ، وذلك كما وقع لقريش لما قال النبي صلى الله عليه وسلم " اللهم أعني عليهم بسنين كسني يوسف " فقحطوا ، فلما اشتد عليهم البلاء أتى أبو سفيان بن حرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة الشريفة فقال : يا محمد ! إنك قد جئت بصلة الأرحام وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم ، فدعا لهم فأغيثوا ، فلا شك أن ترجمة حالهم هذا الذي ذكره الله من التناقض الذي لا يرضاه لنفسه عاقل ، وهو وصفه بالسحر وطلب الدعاء منه يمنع اعتقاد أنه ساحر ، واعتقاد أنه ساحر يمنع طلب الدعاء منه عند العاقل { ادع لنا ربك } أي المحسن إليك بما يفعل معك من هذه الأفعال التي نهيتنا بها إكراماً لك { بما } أي بسبب ما { عهد عندك } من أنه يفعل من وضعها ورفعها على ما تريد على ما أخبرتنا أنه إن آمنا أكرمنا ، وإن تمادينا أهاننا ، ثم عللوا ذلك بقولهم مؤكداً تقريباً لحالهم البعيدة من الاعتداء بما يخبر به شاهد الوجود : { إننا لمهتدون } أي اهتداء ثابتاً يصير لنا وصفاً لازماً عند كشف ذلك عنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.