معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

{ وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } أي كالوا لهم أو وزنوا لهم أي للناس ، يقال : وزنتك حقك وكلتك طعامك ، أي وزنت لك وكلت لك كما يقال : نصحتك ونصحت لك وشكرتك وشكرت لك ، وكتبتك وكتبت لك . قال أبو عبيدة : وكان عيسى بن عمر يجعلهما حرفين يقف على كالوا أو وزنوا ويبتدئ هم يخسرون وقال أبو عبيدة : والاختيار الأول ، يعني : أن كل واحدة كلمة واحدة ، لأنهم كتبوهما بغير ألف ، ولو كانتا مقطوعتين لكانت : كالوا أو وزنوا بالألف كسائر الأفعال مثل جاؤوا وقالوا : واتفقت المصاحف على إسقاط الألف ، ولأنه يقال في اللغة : كلتك ووزنتك كما يقال : كلت لك ووزنت لك . وقوله :{ يخسرون } أي ينقصون ، قال نافع : كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول : اتق الله وأوف الكيل والوزن ، فإن المطففين يوقفون يوم القيامة حتى إن العرق ليلجمهم إلى أنصاف آذانهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

{ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ } أي : إذا أعطوا الناس حقهم ، الذي للناس{[1375]}  عليهم بكيل أو وزن ، { يُخْسِرُونَ } أي : ينقصونهم ذلك ، إما بمكيال وميزان ناقصين ، أو بعدم ملء المكيال والميزان ، أو نحو ذلك . فهذا سرقة [ لأموال ] الناس{[1376]} ، وعدم إنصاف [ لهم ] منهم .

وإذا كان هذا الوعيد  على الذين يبخسون الناس بالمكيال والميزان ، فالذي يأخذ أموالهم قهرًا أو سرقة ، أولى بهذا الوعيد{[1377]} من المطففين .

ودلت الآية الكريمة ، على أن الإنسان كما يأخذ من الناس الذي له ، يجب عليه أن يعطيهم كل ما لهم من الأموال والمعاملات ، بل يدخل في [ عموم هذا ]{[1378]}  الحجج والمقالات ، فإنه كما أن المتناظرين قد جرت العادة أن كل واحد [ منهما ] يحرص على ماله من الحجج ، فيجب عليه أيضًا أن يبين ما لخصمه من الحجج{[1379]} [ التي لا يعلمها ] ، وأن ينظر في أدلة خصمه كما ينظر في أدلته هو ، وفي هذا الموضع يعرف إنصاف الإنسان من تعصبه واعتسافه ، وتواضعه من كبره ، وعقله من سفهه ، نسأل الله التوفيق لكل خير .

ثم توعد تعالى المطففين ، وتعجب من حالهم وإقامتهم على ما هم عليه ، فقال :


[1375]:- في ب: لهم.
[1376]:- كذا في ب، وفي أ: سرقة للناس.
[1377]:- في ب: وعيدًا.
[1378]:- في ب: يدخل في ذلك.
[1379]:- في ب: الحجة.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

وإذا كالوهم أو وزنوهم أي إذا كالوا الناس أو وزنوا لهم يخسرون فحذف الجار وأوصل الفعل كقوله ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا بمعنى جنيت لك أو كالوا مكيلهم فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه ولا يحسن جعل المنفصل تأكيدا للمتصل فإنه يخرج الكلام عن مقابلة ما قبله إذ المقصود بيان اختلاف حالهم في الأخذ والدفع لا في المباشرة وعدمها ويستدعي إثبات الألف بعد الواو كما هو خط المصحف في نظائره .