التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

{ وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون } معنى يخسرون : ينقصون حقوق الناس وهو من الخسارة ، يقال : خسر الرجل وأخسره غيره إذا جعله يخسر ، وكالوهم معناه : كالوا لهم أو وزنوهم معناه : وزنوا لهم ، ثم حذف حرف الجر فانتصب المفعول لأن هذين الفعلين يتعدى كل واحد منهما تارة بنفسه وتارة بحرف الجر يقال كلتك وكلت لك ووزنتك ووزنت لك بمعنى واحد وحذف المفعول الثاني وهو المكيل والموزون والواو التي هي ضمير الفاعل للمطففين والهاء الذي هي ضمير المفعول للناس فالمعنى : إذا كالوا أو وزنوا لهم طعاما أو غيره مما يكال أو يوزن يخسرونهم حقوقهم ، وقيل : إن هم في كالوهم أو وزنوهم تأكيد للضمير الفاعل وروي عن حمزة : أنه كان يقف على كالوا ووزنوا ثم يبتدئ هم ليبين هذا المعنى وهو ضعيف من وجهين . أحدهما : أنه لم يثبت في المصحف ألف بعد الواو في كالوا ووزنوا فدل ذلك على أن هم ضمير المفعول .

والآخر : أن المعنى على هذا أن المطففين إذا تولوا الكيل أو الوزن نقصوا وليس ذلك بمقصود لأن الكلام واقع في الفعل لا في المباشر ، ألا ترى أن اكتالوا على الناس معناه : قبضوا منهم وكالوهم ووزنوهم معناه : دفعوا لهم فقابل القبض بالدفع وأما على هذا الوجه الضعيف فهو خروج عن المقصود ، قال ابن عطية : ظاهر الآية أن الكيل والوزن على البائعين وليس ذلك بالجلي قال صدر الآية في المشترين فهم الذين يستوفون أو يشاحون ويطلبون الزيادة وقوله : { وإذا كالوهم أو وزنوهم } في البائعين فهم الذين يخسرون المشترى .