فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

وهو معنى قوله : { وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } أي كالوا لهم أو وزنوا لهم ، فحذفت اللام فتعدّى الفعل إلى المفعول ، فهو من باب الحذف والإيصال ، ومثله : نصحتك ونصحت لك ، كذا قال الأخفش والكسائي والفرّاء . قال الفرّاء : وسمعت أعرابية تقول : إذا صدر الناس أتينا التاجر فيكيلنا المدّ والمدّين إلى الموسم المقبل . قال : وهو من كلام أهل الحجاز ومن جاورهم من قيس . قال الزجاج : لا يجوز الوقف على كالوا حتى يوصل بالضمير ، ومن الناس من يجعله توكيداً : أي توكيداً للضمير المستكنّ في الفعل ، فيجيز الوقف على كالوا أو وزنوا ، قال أبو عبيد : وكان عيسى بن عمر يجعلهما حرفين ، ويقف على «كالوا أو وزنوا » ، ثم يقول : «هم يخسرون » . قال : وأحسب قراءة حمزة كذلك . قال أبو عبيد : والاختيار أن يكونا كلمة واحدة من جهتين : إحداهما الخط ، ولذلك كتبوها بغير ألف ، ولو كانتا مقطوعتين لكانتا كالوا أو وزنوا بالألف . والأخرى أنه يقال : كلتك ، ووزنتك بمعنى : كلت لك ووزنت لك ، وهو كلام عربيّ ، كما يقال صدتك وصدت لك ، وكسبتك وكسبت لك ، وشكرتك وشكرت لك ، ونحو ذلك . وقيل : هو على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، والمضاف المكيل والموزون : أي وإذا كالوا مكيلهم ، أو وزنوا موزونهم ، ومعنى { يخسرون } : ينقصون كقوله : { وَلاَ تُخْسِرُواْ الميزان } [ الرحمن : 9 ] والعرب تقول : خسرت الميزان وأخسرته .