{ يومئذ تعرضون } على الله ، { لا تخفى } قرأ حمزة والكسائي : لا يخفى بالياء ، وقرأ الآخرون بالتاء ، { منكم خافية } أي فعلة خافية . قال الكلبي : لا يخفى على الله منكم شيء . قال أبو موسى : يعرض الناس ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما العرضة الثالثة فعندها تطاير الصحف فآخذ بيمينه وآخذ بشماله .
ولهذا قال : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } على الله { لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } لا من أجسامكم وأجسادكم{[1212]} ولا من أعمالكم [ وصفاتكم ] ، فإن الله تعالى عالم الغيب والشهادة .
ويحشر العباد حفاة عراة غرلا ، في أرض مستوية ، يسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، فحينئذ يجازيهم بما عملوا ، ولهذا ذكر كيفية الجزاء ، فقال : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ
وقوله :{[29282]} أي تعرضون على عالم السر والنجوى الذي لا يخفى عليه شيء من أموركم ، بل هو عالم بالظواهر والسرائر والضمائر ؛ ولهذا قال : { لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ }
وقد قال ابن أبي الدنيا : أخبرنا إسحاق بن إسماعيل ، أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن جعفر بن بُرْقان ، عن ثابت بن الحجاج قال : قال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن تُوزَنوا ، فإنه أخف عليكم في الحساب غدا أن تحاسبوا أنفسكم اليوم ، وَتَزَيَّنُوا للعرض الأكبر : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } {[29283]} .
وقال الإمام أحمد : حدثنا وَكِيع ، حدثنا علي بن علي بن رفاعة ، عن الحسن ، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فجدالٌ ومعاذيرُ ، وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله " .
ورواه ابن ماجة ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وَكِيع ، به{[29284]} وقد رواه الترمذي عن أبي كُرَيْب عن وكيع عن علي بن علي ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، به{[29285]} .
وقد روى ابنُ جرير عن مجاهد بن موسى ، عن يزيد ، بن سليم بن حيان ، عن مروان الأصغر ، عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات : عرضتان ، معاذير وخصومات ، والعرضة الثالثة تطير الصحف في الأيدي . ورواه سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة مرسلا مثله{[29286]} .
وعلى هذا قال يوم تعرضون تشبيها للمحاسبة بعرض السلطان لتعرف أحوالهم وهذا وإن كان بعد النفخة الثانية لكن لما كان اليوم اسما لزمان متسع تقع فيه النفختان والصعقة والنشور والحساب وإدخال أهل الجنة الجنة وأهل النار النار صح ظرفا للكل لا تخفى منكم خافية سريرة على الله تعالى حتى يكون العرض للاطلاع عليها وإنما المراد منه إفشاء الحال والمبالغة في العدل أو على الناس كما قال الله تعالى يوم تبلى السرائر وقرأ حمزة والكسائي بالياء للفصل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.