إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

{ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } أي تُسألونَ وتُحاسبونَ ، عبِّر عنهُ بذلكَ تشبيهاً لهُ بعرضِ السلطانِ العسكرَ لتعرّفِ أحوالِهِم . رُوِيَ أنَّ في يومِ القيامةِ ثلاثَ عرضاتٍ فأما عرضتانِ فاعتذارٌ واحتجاجٌ وتوبيخٌ وأما الثالثةُ ففيها تنشرُ الكتبُ فيأخذُ الفائزُ كتابَهُ بيمينِهِ والهالكُ بشمالِهِ ، وهذا وإنْ كانَ بعدَ النفخةِ الثانيةِ لكنْ لما كانَ اليومُ إسماً لزمانٍ متسعٍ . يقعُ فيهِ النفختانِ والصعقةُ والنشورُ والحسابُ وإدخالُ أهلِ الجنةِ الجنةَ وأهلِ النارِ النارَ . صحَّ جعلُهُ ظرفاً للكُلِّ { لاَ تخفى مِنكُمْ خَافِيَةٌ } حالٌ من مرفوعِ تُعرضونَ أي تُعرضونَ غيرَ خافٍ عليهِ تعالَى سرٌّ من أسرارِكُم قبلَ ذلكَ أيضاً وإنَّما العرضُ لإفشاءِ الحالِ والمبالغةِ في العدلِ ، أو غيرِ خافٍ يومئذٍ على الناسِ كقولِهِ تعالَى : { يَوْمَ تبلى السرائر } [ سورة الطارق ، الآية 9 ] وقُرِئَ يخْفى بالياءِ التحتانيةِ .