تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

الآية 18 وقوله تعالى : { يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية } أي تعرضون على أعمالكم ، فلا تخفى عليكم خافية ، أي تظهر لكم في ذلك اليوم ، وتصير بارزة {[21921]} في ذلك اليوم كما قال تعالى : { يوم تبلى السرائر } [ الطارق : 9 ] أي تظهر لهم سرائرهم ، حتى يعرفوها ، ولا يخفى عليهم شيء منها .

وجائز أن يكون قوله : { لا تخفى منكم خافية } أي على الله تعالى . ولكن كل من ادعى إخفاء شيء من أمره على الله [ وظن أن الله تعالى ]{[21922]} لا يطلع عليه ، فسيعلم في ذلك اليوم أنه لا تخفى عليه خافية ، وهو كقوله تعالى : { لمن الملك اليوم لله الواحد القهار } [ غافر : 16 ] ليس فيه أن الملك كان لغيره .

ولكن بعض الناس كانوا يدعون الإشراك في الملك في الدنيا ، فيتركون في ذلك اليوم دعواهم ، ويتيقنون أنه هو المنفرد بالملك ، وعلى ذلك ]{[21923]} قوله تعالى : { وبرزوا لله جميعا }[ إبراهيم : 21 ] .

ولم يكونوا بمختفين عنه قبل ذلك ، بل كانوا له في كل وقت بارزين . ولكن من أنكر ادعاء الإخفاء في الدنيا يدع في ذلك اليوم ، ويقر بالبروز ، والله المستعان .

ثم روي في الخبر " أن العرضات ثلاث : عرضتان فيهما خصومات ومعاذير " أي يختصمون ، ويتنازعون ، فإذا ظهر ذلك جعلوا يعتذرون ، ويسألون ربهم العفو والصفح عن خصومهم ، " والعرضة الثالثة عند تطاير الصحف " [ الترمذي : 2425 ] .

ومعنى قوله : { تعرضون } ، أي يعرض الخلق بعضهم على بعض حتى لا يخفى على أحد خصمه ، أو تعرض أعمالهم حتى يذكر [ كل ]{[21924]}واحد صنيعه ، وكل خصم خصومته ، فكأنهم قد نسوا ذلك من كثرة الفزع وشدة الأهوال . لكن الله تعالى يطلعهم على ذلك حتى يذكروا ذلك ، والله أعلم .


[21921]:في الأصل وم: بارز.
[21922]:من م، ساقطة من الأصل.
[21923]:من م، ساقطة من الأصل.
[21924]:ساقطة من الأصل وم.