مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ} (18)

قوله تعالى : { يومئذ تعرضون } العرض عبارة عن المحاسبة والمساءلة ، شبه ذلك بعرض السلطان العسكر لتعرف أحواله ، ونظيره قوله : { وعرضوا على ربك صفا } وروى : «أن في القيامة ثلاث عرضات ، فأما عرضتان فاعتذار واحتجاج وتوبيخ ، وأما الثالثة ففيها تنثر الكتب فيأخذ السعيد كتابه بيمينه والهالك كتابه بشماله » .

ثم قال : { لا تخفى منكم خافية } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : في الآية وجهان ( الأول ) تقرير الآية : تعرضون لا يخفى أمركم فإنه عالم بكل شيء ، ولا يخفى عليه منكم خافية ، ونظيره قوله : { لا يخفى على الله منهم شيء } فيكون الغرض منه المبالغة في التهديد ، يعني تعرضون على من لا يخفى عليه شيء أصلا ( الوجه الثاني ) المراد لا يخفى يوم القيامة ما كان مخفيا منكم في الدنيا ، فإنه تظهر أحوال المؤمنين فيتكامل بذلك سرورهم ، وتظهر أحوال أهل العذاب فيظهر بذلك حزنهم وفضيحتهم ، وهو المراد من قوله : { يوم تبلى السرائر ، فما له من قوة ولا ناصر } وفي هذا أعظم الزجر والوعيد وهو خوف الفضيحة .

المسألة الثانية : قراءة العامة { لا تخفى } بالتاء المنقطة من فوقها ، واختار أبو عبيدة الياء وهي قراءة حمزة ، والكسائي قال : لأن الياء تجوز للذكر والأنثى والتاء لا تجوز إلا للأنثى ، وهاهنا يجوز إسناد الفعل إلى المذكر وهو أن يكون المراد بالخافية شيء ذو خفاء . وأيضا فقد وقع الفصل هاهنا بين الاسم والفعل بقوله : منكم .