{ 7 } { زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }
يخبر تعالى عن عناد الكافرين ، وزعمهم الباطل ، وتكذيبهم بالبعث بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ، فأمر أشرف خلقه ، أن يقسم بربه على بعثهم ، وجزائهم بأعمالهم الخبيثة ، وتكذيبهم بالحق ، { وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } فإنه وإن كان عسيرًا بل متعذرًا بالنسبة إلى الخلق ، فإن قواهم كلهم ، لو اجتمعت{[1114]} على إحياء ميت [ واحد ] ، ما قدروا على ذلك .
وأما الله تعالى ، فإنه إذا أراد أمرًا فإنما يقول له كن فيكون ، قال تعالى : { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } .
والمقطع الثالث بقية للمقطع الثاني يحكي تكذيب الذين كفروا بالبعث - وظاهر أن الذين كفروا هم المشركون الذين كان الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] يواجههم بالدعوة - وفيه توجيه للرسول أن يؤكد لهم أمر البعث توكيدا وثيقا . وتصوير لمشهد القيامة ومصير المكذبين والمصدقين فيه ؛ ودعوة لهم إلى الإيمان والطاعة ورد كل شيء لله فيما يقع لهم في الحياة :
زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا . قل بلى وربي لتبعثن ، ثم لتنبئون بما عملتم . وذلك على الله يسير . فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا . والله بما تعملون خبير . يوم يجمعكم ليوم الجمع ، ذلك يوم التغابن ، ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ، ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا . ذلك الفوز العظيم . والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير . ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ، ومن يؤمن بالله يهد قلبه ، والله بكل شيء عليم ، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين . الله لا إله إلا هو ، وعلى الله فليتوكل المؤمنون . .
ومنذ البدء يسمي مقالة الذين كفروا عن عدم البعث زعما ، فيقضي بكذبه من أول لفظ في حكايته . ثم يوجه الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] إلى توكيد أمر البعث بأوثق توكيد ، وهو أن يحلف بربه . وليس بعد قسم الرسول بربه توكيد : ( قل : بلى وربي لتبعثن ) . . ( ثم لتنبئون بما عملتم ) . . فليس شيء منه بمتروك . والله أعلم منهم بعملهم حتى لينبئهم به يوم القيامة ! ( وذلك على الله يسير ) . . فهو يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم السر والعلن وهو عليم بذات الصدور . وهو على كل شيء قدير . كما جاء في مطلع السورة تمهيدا لهذا التقرير .
وقوله تعالى : { زعم الذين كفروا } يريد قريشاً ثم هي بعد تعم كل كافر بالبعث ، وقال عبد الله بن عمر : الزعم : كنية الكذب ، وقال عليه السلام : ( بئس مطية الرجل زعموا ){[11138]} ، ولا توجد «زعم » مستعملة في فصيح من الكلام إلا عبارة عن الكذب ، أو قول انفرد به قائله فيريد ناقله أن يبقي عهدته على الزاعم ، ففي ذلك ما ينحو إلى تضعيف الزعم ، وقول سيبويه : زعم الخليل إنما يجيء فيما انفرد الخليل به ، ثم أمره تعالى أن يجيب نفيهم بما يقتضي الرد عليه إيجاب البعث وأن يؤكد ذلك بالقسم ، ثم توعدهم تعالى في آخر الآية بأنهم يخبرون بأعمالهم على جهة التوقيف والتوبيخ ، المؤدي إلى العقاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.