فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

{ زعم الذين كفروا } الزعم هو القول بالظن ، وادعاء العلم ، ويطلق على الكذب ، قال شريح : لكل شيء كنية وكنية الكذب زعموا ، وهو يتعدى إلى مفعولين ، وقوله : { أن لن يبعثوا } ساد مسدهما والمعنى زعم كفار العرب وهم أهل مكة كما قاله أبو حيان : أن الشأن لم يبعثوا أبدا .

" عن ابن مسعود أنه قيل له : ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في { زعموا } ؟ قال : سمعته يقول : بئس مطية الرجل " ، أخرجه أحمد والبيهقي وغيرهما ، وعنه أنه كره زعموا ، ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يرد عليهم ، ويبطل زعمهم فقال :

{ قل بلى } هي لإيجاب النفي ، فالمعنى بلى تبعثون ، ثم أقسم على ذلك بقوله { وربي } وجواب القسم { لتبعثن } أي لتخرجن من قبوركم ، أكد الإخبار باليمين ، فإن قلت : ما معنى اليمين على شيء أنكروه ، قلت : هو جائز لأن التهدد به أعظم موقعا في القلب ، فكأنه قيل لهم : ما تنكروه كائن لا محالة { ثم لتنبؤن بما عملتم } أي لتخبرن بذلك إقامة للحجة عليكم ، ثم تجزون به { وذلك } البعث والجزاء { عن الله يسير } إذ الإعادة أيسر من الابتداء .