السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{زَعَمَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَن لَّن يُبۡعَثُواْۚ قُلۡ بَلَىٰ وَرَبِّي لَتُبۡعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلۡتُمۡۚ وَذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (7)

{ زعم الذين كفروا } أي : أوقعوا الستر لما دلت عليه العقول من وحدانية الله تعالى ، ولو على أدنى الوجوب . وزعم قال ابن عربي : كنية الكذب ، وقال الزمخشري : الزعم ادعاء العلم ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : «زعموا مطية الكذب » وعن شريح : لكل شيء كنية ، وكنية الكذب زعموا . وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه عند أبي داود : «بئس مطية الرجال زعموا » { أن لن يبعثوا } أي : من أي باعث ما بوجه من الوجوه { قل } أي : يا أشرف الرسل لهؤلاء البعداء { بلى } أي : لتبعثن ثم أكد بصريح القسم فقال : { وربي } أي : المحسن إلي بالانتقام ممن كذب بي { لتبعثنّ } أي : بأهون شيء وأيسر أمر { ثم لتنبؤن } أي : تخبرنّ إخباراً عظيماً ممن يقيمه الله تعالى لإخباركم { بما عملتم } أي : بأعمالكم لتجزون عليها { وذلك } أي : الأمر العظيم عندكم من البعث والحساب { على الله } أي : المحيط بصفات الكمال وحده { يسير } إذ الإعادة أسهل من الابتداء .

فإن قيل : كيف يفيد القسم في إخباره عن البعث ، وهم قد أنكروا الرسالة ؟ .

أجيب : بأنهم أنكروا الرسالة لكنهم يعتقدون أنه يعتقد ربه اعتقاداً جازماً فيعلمون أنه لا يقدم على القسم بربه إلا وأن يكون الإخبار عنده صدقاً أظهر من الشمس في اعتقاده ، ثم إنه أكد الخبر باللام والنون فكأنه قسماً بعد قسم .