معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةٗ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (81)

قوله تعالى : { أئنكم } ، قرأ أهل المدينة وحفص ( إنكم ) بكسر الألف على الخبر ، وقرأ الآخرون على الاستئناف .

قوله تعالى : { لتأتون الرجال } ، في أدبارهم .

قوله تعالى : { شهوة من دون النساء } ، فسر تلك الفاحشة يعني أدبار الرجال أشهى عندكم من فروج النساء .

قوله تعالى : { بل أنتم قوم مسرفون } ، مجاوزون الحلال إلى الحرام ، قال محمد بن إسحاق : كانت لهم ثمار وقرى لم يكن في الأرض مثلها ، فقصدهم الناس لينالوا من ثمارهم ، فآذوهم ، فعرض لهم إبليس في صورة شيخ ، فقال : إن فعلتم بهم كذا نجوتم ، فأبوا ، فما ألح عليهم قصدوهم فأصابوهم غلمانا صباحا ، فأخذوهم وقهروهم على أنفسهم ، وأخبثوا بهم ، فاستحكم ذلك فيهم ، قال الحسن : كانوا لا ينكحون إلا الغرباء ، وقال الكلبي : إن أول من عمل قوم لوط إبليس ، لأن بلادهم أخصبت فانتجعها أهل البلدان ، فتمثل لهم إبليس في صورة شاب ، ثم دعا إلى دبره ، فنكح في دبره ، فأمر الله تعالى السماء أن تحصبهم ، والأرض أن تخسف بهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةٗ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (81)

ثم بينها بقوله : { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ ْ } أي : كيف تذرون النساء اللاتي خلقهن اللّه لكم ، وفيهن المستمتع الموافق للشهوة والفطرة ، وتقبلون على أدبار الرجال ، التي هي غاية ما يكون في الشناعة والخبث ، ومحل تخرج منه الأنتان والأخباث ، التي يستحيي من ذكرها فضلا عن ملامستها وقربها ، { بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ْ } أي : متجاوزون لما حده اللّه متجرئون على محارمه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةٗ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (81)

59

( إنكم لتأتون الرجال - شهوة - من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون ) . .

والإسراف الذي يدفعهم به لوط هو الإسراف في تجاوز منهج الله الممثل في الفطرة السوية . والإسراف في الطاقة التي وهبهم الله إياها ، لأداء دورهم في امتداد البشرية ونمو الحياة ، فإذا هم يريقونها ويبعثرونها في غير موضع الإخصاب . فهي مجرد ( شهوة ) شاذة . لأن الله جعل لذة 9الفطرة الصادقة في تحقيق سنة الله الطبيعية . فإذا وجدت نفس لذتها في نقيض هذه السنة ، فهو الشذوذ إذن والانحراف والفساد الفطري ، قبل أن يكون فساد الأخلاق . . ولا فرق في الحقيقة . فالأخلاق الإسلامية هي الأخلاق الفطرية ، بلا انحراف ولا فساد .

إن التكوين العضوي للأنثى - كالتكوين النفسي - هو الذي يحقق لذة الفطرة الصادقة للذكر في هذا الالتقاء ، الذي لا يقصد به مجرد " الشهوة " . إنما هذه اللذة المصاحبة له رحمة من الله ونعمة ، إذ يجعل القيام بتحقيق سنته ومشيئته في امتداد الحياة ، مصحوباً بلذة تعادل مشقة التكليف ! فأما التكوين العضوي للذكر - بالنسبة للذكر - فلا يمكن أن يحقق لذة للفطرة السليمة ؛ بل إن شعور الاستقذار ليسبق ، فيمنع مجرد الاتجاه عند الفطرة السليمة .

وطبيعة التصور الاعتقادي ، ونظام الحياة الذي يقوم عليه ، ذو أثر حاسم في هذا الشأن . .

فهذه هي الجاهلية الحديثة في أوروبا وفي أمريكا ينتشر فيها هذا الانحراف الجنسي الشاذ انتشاراً ذريعاً . بغير ما مبرر إلا الانحراف عن الاعتقاد الصحيح ، وعن منهج الحياة الذي يقوم عليه .

وقد كانت هناك دعوى عريضة من الأجهزة التي يوجهها اليهود في الأرض لتدمير الحياة الإنسانية لغير اليهود ، بإشاعة الانحلال العقيدي والأخلاقي . . كانت هناك دعوى عريضة من هذه الأجهزة الموجهة بأناحتجاب المرأة هو الذي ينشر هذه الفاحشة الشاذة في المجتمعات ! ولكن شهادة الواقع تخرق العيون . ففي أوروبا وأمريكا لم يبق ضابط واحد للاختلاط الجنسي الكامل بين كل ذكر وكل انثى - كما في عالم البهائم ! - وهذه الفاحشة الشاذة يرتفع معدلها بارتفاع الاختلاط ولا ينقص ! ولا يقتصر على الشذوذ بين الرجال ؛ بل يتعداه إلى الشذوذ بين النساء . . ومن لا تخرق عينيه هذه الشهادة فليقرأ : " السلوك الجنسي عند الرجال " و " السلوك الجنسي عند النساء " في تقرير " كنزي " الأمريكي . . ولكن هذه الأجهزة الموجهة ما تزال تردد هذه الأكذوبة ، وتسندها الى حجاب المرأة . لتؤدي ما تريده بروتوكولات صهيون ، ووصايا مؤتمرات المبشرين !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةٗ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (81)

{ إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء } بيان لقوله : { أتأتون الفاحشة } وهو أبلغ في الإنكار والتوبيخ ، وقرأ نافع وحفص " إنكم " على الإخبار المستأنف ، وشهوة مفعول له أو مصدر في موقع الحال وفي التقييد بها وصفهم بالبهيمية الصرفة ، وتنبيه على أن العاقل ينبغي أن يكون الداعي له إلى المباشرة طلب الولد وبقاء النوع ، لا قضاء الوطر . { بل أنتم قوم مسرفون } إضراب عن الإنكار إلى الإخبار عن حالهم التي أدت بهم إلى ارتكاب أمثالها وهي اعتياد الإسراف في كل شيء ، أو عن الإنكار عليها إلى الذم على جميع معايبهم ، أو عن محذوف مثل لا عذر لكم فيه بل أنتم قوم عادتكم الإسراف .