فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةٗ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (81)

قوله : { إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال شَهْوَةً } قرأ نافع وحفص على الخبر بهمزة واحدة مكسورة . وقرأ الباقون بهمزتين على الاستفهام المقتضي للتوبيخ والتقريع ، واختار القراءة الأولى أبو عبيد والكسائي وغيرهما ، واختار الخليل وسيبويه القراءة الثانية ، فعلى القراءة الأولى تكون هذه الجملة مبينة لقوله : { أَتَأْتُونَ الفاحشة } وكذلك على القراءة الثانية ، مع مزيد الاستفهام وتكريره المفيد للمبالغة في التقريع والتوبيخ ، وانتصاب { شهوة } على المصدرية ، أي تشتهونهم شهوة ، ويجوز أن يكون مصدراً في موضع الحال ، أي مشتهين . ويجوز أن يكون مفعولاً له ، أي لأجل الشهوة ، وفيه أنه لا غرض لهم بإتيان هذه الفاحشة إلا مجرد قضاء الشهوة من غير أن يكون لهم في ذلك غرض يوافق العقل ، فهم في هذا كالبهائم التي ينزو بعضها على بعض ، لما يتقاضاها من الشهوة { مّن دُونِ النساء } أي متجاوزين في فعلكم هذا للنساء ، اللاتي هنّ محل لقضاء الشهوة ، وموضع لطلب اللذة ، ثم أضرب عن الإنكار المتقدّم إلى الإخبار بما هم عليه من الإسراف الذي تسبب عنه إتيان هذه الفاحشة الفظيعة .

/خ83