قوله : " أإنَّكُمْ " قرأ نافعٌ{[16471]} وحفصٌ عن عاصم : " إنكم " على الخبر المستأنف ، وهو بيان تلك الفاحشة ، وقرأ الباقون بالاستفهام المقتضي للتّوبيخ ، فقرأ ابنُ كثير بهمزة غير ممدودة وتليين الثَّانية ، وقرأ أبُوا عمرو بهمزة ممدودة للتّخفيف وتليين الثانية ، والباقون بهمزتين على الأصل .
قال الواحديُّ{[16472]} : " كان هذا استفهاماً معناه الإنكار لقوله تعالى : " أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ " ، وكلُّ واحد من الاستفهامين جملة مستقلة غير محتاجة في تمامها إلى شيء آخر " .
قوله : { لَتَأْتُونَ الرجال شَهْوَةً } قيل : نصب " شَهْوَةٍ " على أنه مفعول من أجله ، أي : لأجل الاشتِهَاءِ لا حامل لكم عليه إلاَّ مجرّد الشَّهوة لا غير .
وقيل : إنَّها مصدر واقعٌ موقع الحال ، أي : مشتهين أو باق على مصدريَّته ، ناصبة " أتَأتُونَ " ؛ لأنَّهُ بمعنى أتشتهون .
ويقال : شَهِيَ يَشْهَى شَهْوَةً ، [ وشَهَا يَشْهُو شَهْوَةٍ ]{[16473]} قال الشَّاعر : [ الطويل ]
وَأشْعَثَ يَشْهَى النَّوْمَ قُلْتُ لَهُ : ارْتَحِلْ *** إذَا مَا النُّجُومُ أعْرَضَتْ واسْبَكَرَّتِ{[16474]}
وقد تقدَّم ذلك في آل عمران{[16475]} .
قوله : { مِّن دُونِ النساء } فيه ثلاثةُ أوْجُهٍ :
أحدها : أنَّهُ متعلق بمحذوف ، لأنَّهُ حال من " الرِّجالِ " أي : أتأتونهم منفردين عن النِّساء .
والثاني : أنَّهُ متعلِّق ب " شَهْوَة " ، قاله الحوفيُّ . وليس بظاهر أن تقول : " اشتهيتُ من كذا " ، إلاَّ بمعنى غير لائق هنا .
والثالث : أن يكُون صفة ل " شهوة " أي : شهوة كَائِنَة من دونهن .
قوله : { بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } " بل " للإضراب ، والمشهور أنهُ إضراب انتقالٍ من قصّة إلى قصّة ، فقيل : عن مذكور ، وهو الإخبار بتجاوزهم عن الحدِّ في هذه الفاحشة ، أو عن توبيخهم وتقريرهم ، والإنكار عليهم .
وقيل : بل للإضراب عن شيء مَحْذُوفٍ . واختلف فيه :
فقال أبُو البقاء{[16476]} : " تقديرُهُ : ما عَدَلْتُم بل أنتم " .
وقال الكَرْمَانيُّ : " بل " ردٌّ لجواب زعموا أن يكون لهم عذراً أي : " لا عذر لكم بل " .
وجاء هان بصفة القوم اسم الفاعل وهو " مُسْرِفُونَ " ؛ لأنَّهُ أدلُّ على الثُّبوت ولموافقة رءوس الآي ؛ فإنَّهَا أسماء .
وجاء في النمل [ 55 ] { تَجْهَلُونَ } دلالة على أنَّ جهلهم يتجدد كل وقت ولموافقة رءوس الآي فإنها أفعال .
معنى " مُسْرِفُونَ " أي : يتجاوزون الحلال إلى الحَرَامِ .
قال الحسنُ : " كانوا لا ينكحون إلا الغرباء " {[16477]} .
وقال الكلبيُّ : " إنَّ أوَّل من عملَ عملَ قوم لوط إبليس ؛ لأنَّ بلادهم أخُصَبَتْ فانتجعها{[16478]} أهلُ البلدان ، فتمثل لهم إبليس في صورة شابّ ، ثم دعى إلى دُبرِهِ فنكح في دبره ، فأمر الله - تعالى - السَّماءَ أن تحصبهم ، والأرض أن تخسف بهم{[16479]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.