نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةٗ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِۚ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ} (81)

ولما أبهم الفاحشة ليحصل التشوف إلى معرفتها ، عينها في استفهام آخر كالأول في إنكاره وتوبيخه ليكون أدل على تناهي الزجر عنها فقال : { إنكم{[32658]} لتأتون الرجال } أي تغشونهم غشيان النساء ؛ ولما أبقى للتشوف مجالاً ، عين بقوله : { شهوة } أي مشتهين ، أو لأجل الشهوة ، لا حامل لكم على ذلك إلا الشهوة كالبهائم التي لا داعي لها من جهة العقل{[32659]} ، وصرح بقوله : { من دون النساء } فلما لم يدع لبساً ، وكان هذا ربما أوهم إقامة عذر لهم في عدم وجدان النساء أو عدم كفايتهن لهم ، أضرب عنه بقوله : { بل أنتم قوم } .

ولما كان مقصود هذه السورة الإنذار كان الأليق به الإسراف الذي هو غاية الجهل المذكور في سورة النمل فقال{[32660]} { مسرفون* } أي لم يحملكم على ذلك ضرورة لشهوة تدعونها ، بل اعتياد المجاوزة للحدود ، ولم يسم قوم لوط{[32661]} في سورة من السور كما سميت عاد وثمود وغيرهم صوناً للكلام عن تسميتهم ، وأما قوم نوح{[32662]} فإنما{[32663]} لم يسموا لعدم تفرق القبائل إذ ذاك ، فكانوا لذلك جميع أهل الأرض ولذا عمهم الغرق - والله أعلم .


[32658]:- سقط من ظ.
[32659]:- زيد لاستقامة العبارة.
[32660]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[32661]:- من ظ، وفي الأصل: فإنه.
[32662]:- سقط من ظ.
[32663]:- من ظ، وفي الأصل: أنهم.