معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

قوله تعالى : { يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين وما يفعلوا من خير فلن يكفروه } . قرأ حمزة والكسائي وحفص بالياء فيهما ، إخبارا عن الأمة القائمة ، وقرأ الآخرون بالتاء فيهما ، لقوله ( كنتم خير أمة ) وأبو عمرو يرى القراءتين جميعاً ، ومعنى الآية : وما تفعلوا من خير فلن تعدموا ثوابه ، بل يشكر لكم وتجازون عليه .

قوله تعالى : { والله عليم بالمتقين } . بالمؤمنين .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

{ يؤمنون بالله واليوم الآخر } أي : كإيمان المؤمنين إيمانا يوجب لهم الإيمان بكل نبي أرسله ، وكل كتاب أنزله الله ، وخص الإيمان باليوم الآخر لأن الإيمان الحقيقي باليوم الآخر يحث المؤمن به على ما يقر به إلى الله ، ويثاب عليه في ذلك اليوم ، وترك كل ما يعاقب عليه في ذلك اليوم { ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر } فحصل منهم تكميل أنفسهم بالإيمان ولوازمه ، وتكميل غيرهم بأمرهم بكل خير ، ونهيهم عن كل شر ، ومن ذلك حثهم أهل دينهم وغيرهم على الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ثم وصفهم بالهمم العالية { و } أنهم { يسارعون في الخيرات } أي : يبادرون إليها فينتهزون الفرصة فيها ، ويفعلونها في أول وقت إمكانها ، وذلك من شدة رغبتهم في الخير ومعرفتهم بفوائده وحسن عوائده ، فهؤلاء الذين وصفهم الله بهذه الصفات الجميلة والأفعال الجليلة { من الصالحين } الذين يدخلهم الله في رحمته ويتغمدهم بغفرانه وينيلهم من فضله وإحسانه ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

93

فهناك المؤمنون . يصور حالهم مع ربهم ، فإذا هي حال المؤمنين الصادقين . ويقرر جزاءهم عنده فإذا هو جزاء الصالحين .

( يؤمنون بالله واليوم الآخر ، ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، ويسارعون في الخيرات . وأولئك من الصالحين . وما يفعلوا من خير فلن يكفروه ، والله عليم بالمتقين )

وهو صورة وضيئة للمؤمنين من أهل الكتاب . فقد آمنوا إيمانا صادقا عميقا ، وكاملا شاملا ، وانضموا للصف المسلم ، وقاموا على حراسة هذا الدين . . آمنوا بالله واليوم الآخر . . وقد نهضوا بتكاليف الإيمان ، وحققوا سمة الأمة المسلمة التي انضموا إليها - خير أمة أخرجت للناس - فأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر . . وقد رغبت نفوسهم في الخير جملة ، فجعلوه الهدف الذي يسابقون فيه ، فسارعوا في الخيرات ، ومن ثم هذه الشهادة العلوية لهم أنهم من الصالحين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

{ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } وهؤلاء هم المذكورون في آخر السورة : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ [ لا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ]{[5584]} } [ الآية199 ] وهكذا قال هاهنا : { وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ }


[5584]:زيادة من جـ، ر، أ، و، وفي الأصل: "الآية".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الاَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلََئِكَ مِنَ الصّالِحِينَ }

يعني بقوله جلّ وعزّ : { يُؤْمِنُونَ باللّهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ } : يصدّقون بالله ، وبالبعث بعد الممات ، ويعلمون أن الله مجازيهم بأعمالهم¹ وليسوا كالمشركين الذين يجحدون وحدانية الله ، ويعبدون معه غيره ، ويكذّبون بالبعث بعد الممات ، وينكرون المجازاة على الأعمال والثواب والعقاب . وقوله : { وَيأْمُرُونَ بالمَعْرُوفِ } يقول : يأمرون الناس بالإيمان بالله ورسوله ، وتصديق محمد صلى الله عليه وسلم ، وما جاءهم به . { وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ } يقول : وينهون الناس عن الكفر بالله ، وتكذيب محمد ، وما جارهم به من عند الله : يعني بذلك : أنهم ليسوا كاليهود والنصارى ، الذي يأمرون الناس بالكفر ، وتكذيب محمد فيما جارهم به ، وينهونهم عن المعروف من الأعمال ، وهو تصديق محمد فيما أتاهم به من عند الله : { وَيسارِعونَ فِي الخَيْراتِ } يقول : ويبتدرون فعل الخيرات خشية أن يفوتهم ذلك قبل معاجلتهم مناياهم . ثم أخبر جلّ ثناؤه أن هؤلاء الذين هذه صفتهم من أهل الكتاب هم من عداد الصالحين ، لأن من كان منهم فاسقا قد باء بغضب من الله ، لكفره بالله وآياته ، وقتلهم الأنبياء بغير حقّ ، وعصيانه ربه ، واعتدائه في حدوده .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (114)

معنى { يسارعون في الخيرات } يسارعون إليها أي يرغبون في الاستكثار منها . والمسارعة مستعارة للاستكثار من الفعل ، والمبادرة إليه ، تشبيهاً للاستكثار والأعتناء بالسير السريع لبلوغ المطلوب . وفي للظرفية المجازية ، وهي تخييلية تؤذن بتشبيه الخيرات بطريق يسير فيه السائرون ، ولهؤلاء مزيّة السرعة في قطعه . ولَك أن تجعل مجموع المركّب من قوله { ويسارعون في الخيرات } تمثيلاً لحال مبادرتهم وحرصهم على فعل الخيرات بحال السائر الراغب في البلوغ إلى قصده يُسرع في سيره . وسيأتي نظيره عند قوله تعالى { لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر } في سورة [ العقود : 176 ] .

والإشارة بأولئك إلى الأمّة القائمة الموصوفة بتلك الأوصاف . وموقع اسم الإشارة التنبيه على أنَّهم استحقوا الوصف المذكور بعد اسم الإشارة بسبب ما سبق اسمّ الإشارة من الأوصاف .