معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

قوله تعالى : { قال بل سولت لكم } ، زينت ، { أنفسكم أمراً } ، وفيه اختصار معناه : فرجعوا إلى أبيهم وذكروا لأبيهم ما قال كبيرهم ، فقال يعقوب : { بل سولت لكم أنفسكم أمراً } ، أي : حمل أخيكم إلى مصر لطلب نفع عاجل .

قوله تعالى : { فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً } ، يعني : يوسف ، وبنيامين ، وأخاهم المقيم بمصر { إنه هو العليم } ، بحزني ووجدي على فقدهم { الحكيم } في تدبير خلقه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

فلما رجعوا إلى أبيهم وأخبروه بهذا الخبر ، اشتد حزنه وتضاعف كمده ، واتهمهم أيضا في هذه القضية ، كما اتهمهم في الأولى ، و { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } أي : ألجأ في ذلك إلى الصبر الجميل ، الذي لا يصحبه تسخط ولا جزع ، ولا شكوى للخلق ، ثم لجأ إلى حصول الفرج لما رأى أن الأمر اشتد ، والكربة انتهت فقال : { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا } أي : يوسف و " بنيامين " وأخوهم الكبير الذي أقام في مصر .

{ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ } الذي يعلم حالي ، واحتياجي إلى تفريجه ومنَّته ، واضطراري إلى إحسانه ، { الْحَكِيمُ } الذي جعل لكل شيء قدرا ، ولكل أمر منتهى ، بحسب ما اقتضته حكمته الربانية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

ويطوي السياق الطريق بهم ، حتى يقفهم في مشهد أمام أبيهم المفجوع ، وقد أفضوا إليه بالنبأ الفظيع . فلا نسمع إلا رده قصيرا سريعا ، شجيا وجيعا . ولكن وراءه أملا لم ينقطع في الله أن يرد عليه ولديه ، أو أولاده الثلاثة بما فيهم كبيرهم الذي أقسم ألا يبرح حتى يحكم الله له . وإنه لأمل عجيب في ذلك القلب الوجيع :

( قال : بل سولت لكم أنفسكم أمرا ، فصبر جميل ، عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم ) . .

( بل سولت لكم أنفسكم أمرا ، فصبر جميل ) . . كلمته ذاتها يوم فقد يوسف . ولكنه في هذه المرة يضيف إليها هذا الأمل أن يرد الله عليه يوسف وأخاه فيرد ابنه الآخر المتخلف هناك . . ( إنه هو العليم الحكيم ) . . الذي يعلم حاله ، ويعلم ما وراء هذه الأحداث والامتحانات ، ويأتي بكل أمر في وقته المناسب ، عندما تتحقق حكمته في ترتيب الأسباب والنتائج .

هذا الشعاع من أين جاء إلى قلب هذا الرجل الشيخ ؟ إنه الرجاء في الله ، والاتصال الوثيق به ، والشعور بوجوده ورحمته . ذلك الشعور الذي يتجلى في قلوب الصفوة المختارة ، فيصبح عندها أصدق وأعمق من الواقع المحسوس الذي تلمسه الأيدي وتراه الأبصار .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ بَلْ سَوّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } .

قال أبو جعفر : في الكلام متروك ، وهو : فرجع إخوة بنيامين إلى أبيهم ، وتخلّف روبيل ، فأخبروه خبره ، فلما أخبروه أنه سرق قال : بَلْ سَوّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْرا يقول : بل زيّنت لكم أنفكسم أمرا هممتم به وأردتموه . فصَبْرٌ جَمِيلٌ يقول : فصبري على ما نالني من فقد ولدي صبر جميل لا جزع فيه ولا شكاية ، عسى الله أن يأتيني بأولادي جميعا فيردّهم عليّ . إنّهُ هُوَ العَلِيمُ بوحدتي وبفقدهم وحزني عليهم وصدق ما يقولون من كذبه . الحَكِيمِ في تدبيره خلقه .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : بَلْ سَوّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْرا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ يقول : زينت .

وقوله : عَسَى اللّهُ أنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعا يقول : بيوسف وأخيه وروبيل .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : لما جاءوا بذلك إلى يعقوب ، يعني بقول روبيل لهم اتهمهم ، وظنّ أن ذلك كفعلتهم بيوسف ، ثم قال : بَلْ سَوّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْرا فَصَبْرٌ جَميلٌ عَسَى اللّهُ أنْ يَأْتِيَنِي بهِمْ جَميعا : أي بيوسف وأخيه وروبيل .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

{ قال بل سوّلت } أي فلما رجعوا إلى أبيهم وقالوا له ما قال لهم أخوهم قال : { بل سولت } أي زينت وسهلت . { لكم أنفسكم أمرا } أردتموه فقدرتموه ، وإلا فما أدرى الملك أن السارق يؤخذ بسرقته . { فصبر جميل } أي فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل أجمل . { عسى الله أن يأتيني بهم جميعا } بيوسف وبنيامين وأخيهما الذي توقف بمصر . { إنه هو العليم } بحالي وحالهم . { الحكيم } في تدبيرهما .