السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

ولما رجعوا إلى أبيهم وقالوا له ما قال كبيرهم فكأنه قيل : فما قال لهم ؟ فقيل : { قال } لهم { بل سوّلت } ، أي : زينت تزييناً فيه غي { لكم أنفسكم أمراً } ، أي : حدّثتكم بأمر ففعلتموه ، وإلا فما أدرى الملك أن السارق يؤخذ بسرقته { فصبر جميل } ، أي : فأمري صبر جميل ، أو فصبر جميل صبري ، أو أجمل ، وقدم مثل ذلك في واقعة يوسف إلا أنه قال فيها : { والله المستعان على ما تصفون } [ يوسف ، 18 ] وقال هنا { عسى الله أن يأتيني بهم } ، أي : بيوسف وشقيقه بنيامين والأخ الثالث الذي أقام بمصر { جميعاً } ، أي : فلا يتخلف منهم أحد ، وإنما قال يعقوب عليه السلام هذه المقالة ؛ لأنه لما طال حزنه واشتدّ بلاؤه ومحنته علم أن الله تعالى سيجعل له فرجاً ومخرجاً عن قريب ، فقال ذلك على سبيل حسن الظن بالله تعالى وتفرس أن هذه الأفعال نشأت عن يوسف عليه السلام ، وأن الأمر يرجع إلى سلامة واجتماع ، ثم علل هذا بقوله : { إنه هو العليم } ، أي : البليغ العلم بما خفي عنا من ذلك فيعلم أسبابه الموصلة إلى المقاصد { الحكيم } ، أي : البليغ فيما يدبره ويقضيه .