[ 83 ] { قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم 83 } .
{ قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا } معناه : فرجعوا إلى أبيهم ، فقالوا له ما قال لهم أخوهم . فقال : بل سولت ، أي زينت وسهلت أنفسكم أمرا ، ففعلتموه .
قال الزمخشري : أمرا أردتموه ، وإلا فما أدرى ذلك الرجل أن السارق يؤخذ بسرقته ، لولا فتواكم وتعليمكم .
قال الناصر : هذا من الزمخشري إسلاف جواب عن سؤال ، كان قائلا يقول : هم في الوقعة الأولى سولت لهم أنفسهم أمرا بلا مراء ، وأما في هذه الوقعة الثانية ، فلم يتعمدوا في حق بنيامين سوءا ، ولا أخبروا أباهم إلا بالواقع على جليته ، وما تركوه بمصر إلا مغلوبين عن استصحابه ، فما وجه قوله ثانيا { بل سولت لكم أنفسكم أمرا } كما قال أولا ؟ وإذا ورد السؤال على هذا التقرير ، فلا بد من زيد بسط في الجواب ، فنقول : كانوا عند يعقوب عليه السلام حينئذ متهمين ، وهم قمن باتهامه لما أسلفوه في حق يوسف عليه السلام ، وقامت عنده قرينة تؤكد نفي التهمة وتقوّيها ، وهي أخذ الملك له في السرقة ، ولم يكن ذلك إلا من دين يعقوب وحده ، لا من دين غيره من الناس ، ولا من عادتهم . وإلى ذلك وقعت الإشارة بقوله تعالى{[4940]} : { ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك } تنبيها من الله تعالى على وجه اتهام يعقوب لهم ، فعلم أن الملك إنما فعل ذلك بفتواهم له به ، وظن أنهم أفتوه بذلك بعد ظهور السرقة تعمدا ليتخلف أخوهم ، وكان الواقع أنهم استفتوا من قبل أن يدعى عليهم بالسرقة ، فذكروا ما عندهم ، ولم يشعروا أن المقصود إلزامهم بما قالوا . واتهام من هو بحيث تتطرق التهمة إليه لا حرج فيه ، وخصوصا فيما يرجع إلى الوالد من الولد . ويحتمل والله أعلم أن يكون الوجه الذي يسوغ له هذا القول في حقهم ، أنهم جعلوا مجرد وجود الصواع في رحل من يوجد في رحله ، سرقة ، من غير أن يحيلوا الحكم على ثبوت كونه سارقا بوجه معلوم . وهذا في شرعنا لا يثبت السرقة عليه والله أعلم .
وقوله : { بل سولت لكم أنفسكم أمرا } واقع بمكانه من حالهم ، وإن كان شرعهم يقتضي ذلك مخالفا لشرعنا ، فالعمدة على الجواب الأول . اه .
/ وقوله تعالى : { فصبر جميل } أي : بلا جزع { عسى الله أن يأتيني بهم جميعا } أي بيوسف وأخيه المتوقف بمصر ، فتذهب أحزانه بمرة واحدة { إنه هو العليم الحكيم } أي العليم بحالي وحالهم ، الحكيم في تشديد الأمر لينظر مقدار الصبر ، فيفيض بقدرة الأجر ، ومن الأجر المعجل تعجيل الفرج .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.