فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٌۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأۡتِيَنِي بِهِمۡ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡعَلِيمُ ٱلۡحَكِيمُ} (83)

فلما قالوا هذا ليعقوب { قال بل سولت } زينت أو خيلت { لكم أنفسكم أمرا } لا أصل له ، والأمر هنا قولهم { إن ابنك سرق } وما سرق في الحقيقة وقيل المراد بالأمر إخراجهم بنيامين والمضي به إلى مصر طلبا للمنفعة فعاد ذلك بالمضرة وقيل هذا الأمر فتياهم بأن السارق يؤخذ بسرقته ، والإضراب هنا هو باعتبار ما أثبتوه من البراءة لأنفسهم لا باعتبار أصل الكلام فإنه صحيح والجملة مستأنفة مبنية على سؤال مقدر كغيرها .

{ فصبر جميل } أي فأمري صبر أو فصبر جميل أجمل بي وأولى لي ، والصبر الجميل هو الذي لا يبوح صاحبه بالشكوى بل يفوض أمره إلى الله ويسترجع ، وقد ورد أن الصبر عند أول الصدمة .

{ عسى الله أن يأتيني بهم جميعا } أي بيوسف عليه السلام وأخيه بنيامين والأخ الثالث الباقي بمصر وهو كبيرهم كما تقدم وإنما قال هكذا على سبيل حسن الظن بالله عز وجل لأنه قد كان عنده أن يوسف عليه السلام لم يمت وإنه باق على الحياة وإن غاب عنه خبره وإذا اشتد البلاء وعظم كان أسرع إلى الفرج قال تعالى { سيجعل الله بعد عسر يسرا } { إنه هو العليم } بحالي { الحكيم } فيما يقضي به .