معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

77

فقال :{ أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر } قرأ يعقوب : ( ( يقدر ) ) بالياء على الفعل ، { على أن يخلق مثلهم بلى } أي : قل : بلى ، هو قادر على ذلك ، { وهو الخلاق } يخلق خلقاً بعد خلق ، { العليم } بجميع ما خلق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

ثم ذكر دليلا رابعا فقال : { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } على سعتهما وعظمهما { بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } أي : [ أن ] يعيدهم [ بأعيانهم ] . { بَلَى } قادر على ذلك ، فإن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس . { وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ } وهذا دليل خامس ، فإنه تعالى الخلاق ، الذي جميع المخلوقات ، متقدمها ومتأخرها ، صغيرها وكبيرها ، كلها أثر من آثار خلقه وقدرته ، وأنه لا يستعصي عليه مخلوق أراد خلقه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

وقوله : أوَ لَيْسَ الّذِي خَلَقَ السّمَوَاتِ والأرْضَ بِقادِرٍ عَلى أنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ يقول تعالى ذكره منبها هذا الكافر الذي قال : مَنْ يُحْيي العِظامَ وَهيَ رَميمٌ على خطأ قوله ، وعظيم جهله أوَ لَيْسَ الّذِي خَلَقَ السّمَوَات السبع والأرْضَ بقادِرٍ عَلى أنْ يَخْلُقَ مثلكم ، فإن خلق مثلكم من العظام الرميم ليس بأعظم من خلق السموات والأرض . يقول : فمن لم يتعذّر عليه خلق ما هو أعظم من خلقكم ، فكيف يتعذّر عليه إحياء العظام بعد ما قد رمّت وبَلِيَت ؟ وقوله : بلَى وَهُوَ الخَلاّقُ العَليمُ يقول : بلى هو قادر على أن يخلق مثلهم وهو الخلاق لما يشاء ، الفعّال لما يريد ، العليم بكلّ ما خلق ويخلق لا يخفى عليه خافية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

هذا تقرير وتوقيف على أمر تدل صحته على صحة بعث الأجساد من القبور وإعادة الموتى وجمع الضمير جمع من يعقل في قوله { مثلهم } من حيث كانتا متضمنتين من يعقل من الملائكة والثقلين ، هذا تأويل جماعة من المفسرين ، وقال الرماني وغيره : الضمير في مثلهم عائد على الناس .

قال القاضي أبو محمد : فهم مثال للبعث ، وتكون الآية نظير قوله تعالى : { لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس }{[9822]} [ غافر : 57 ] وقرأ سلام أبو المنذر وابن أبي إسحاق ويعقوب والأعرج «والأرض يقدر » على يفعل مستقبلاً ، وقرأ جمهور «بقادر » ، وقرأ جمهور الناس «الخلاق » ، وقرأ الحسن «الخالق » .


[9822]:من الآية(57) من سورة(غافر).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَوَلَيۡسَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِقَٰدِرٍ عَلَىٰٓ أَن يَخۡلُقَ مِثۡلَهُمۚ بَلَىٰ وَهُوَ ٱلۡخَلَّـٰقُ ٱلۡعَلِيمُ} (81)

عطف هذا التقرير على الاحتجاجات المتقدمة على الإِنسان المعني من قوله تعالى : { أو لم ير الإنسانُ أنَّا خلقناهُ مِن نُطْفَةٍ } [ يس : 77 ] ، وذلك أنه لما تبيّن الاستدلال بخلق أشياء على إمكان خَلق أمثالها ارتُقِي في هذه الآية إلى الاستدلال بخلق مخلوقات عظيمة على إمكان خلق مَا دونها .

وجيء في هذا الدليل بطريقة التقرير الذي دل عليه الاستفهام التقريري لأن هذا الدليل لوضوحه لا يسع المُقِرّ إلا الإِقرار به فإن البديهة قاضية بأن مَن خلق السماوات والأرض هو على خلق نَاس بعد الموت أقدر . وإنما وجه التقرير إلى نفي المقرَّر بثبوته توسعة على المقرَّر إن أراد إنكاراً مع تحقق أنه لا يسعه الإِنكار فيكون إقراره بعد توجيه التقرير إليه على نفي المقصود ، شاهداً على أنه لا يستطيع إلا أن يقرّ ، وأمثال هذا الاستفهام التقريري كثيرة .

وقرأ الجمهور { بقادر } بالباء الموحدة وبألف بعد القاف وجرّ الاسم بالباء المزيدة في النفي لتأكيده . وقرأه رويس عن يعقوب بتحتية بصيغة المضارع { يَقدر } . ولكون ذلك كذلك عقب التقرير بجواب عن المقرر بكلمة { بلى } التي هي لنقض النفي ، أي بلى هو قادر على أن يخلق مثلهم .

وضمير { مِثلَهُم } عائد إلى { الإنْسانُ } في قوله : { أو لم ير الإنسانُ } [ يس : 77 ] على تأويله بالناس سواء كان المراد بالإِنسان في قوله : { أو لم ير الإنسانُ أنَّا خلقناهُ من نُطْفة } [ يس : 77 ] شخصاً معيّناً أم غير شخص ، فالمقصود هو وأمثاله من المشايعين له على اعتقاده وهم المشركون بمكة ، أي قادر على أن يخلق أمثالهم ، أي أجساداً على صورهم وشَبههم لأن الأجسام المخلوقة للبعث هي أمثال الناس الذين كانوا في الدنيا مركبين من أجزائهم فإن إعادة الخلق لا يلزم أن تكون بجمع متفرق الأجسام بل يجوز كونها عن عدمها ، ولعل ذلك كيفيات ، فالأموات الباقية أجسادها تُبثّ فيها الحياة ، والأموات الذين تفرقت أوصالهم وتفسخت يعاد تصويرها ، والأجساد التي لم تبق منها باقية تعاد أجساد على صورها لتودع فيها أرواحهم ، ألا ترى أن جسد الإِنسان يتغير على حالته عند الولادة ويكبر وتتغير ملامحه ، ويجدّد كل يوم من الدم واللحم بقدر ما اضمحلّ وتبخّر ولا يعتبر ذلك التغير تبديلاً لذاته فهو يُحسّ بأنه هو هو والناس يميّزونه عن غيره بسبب عدم تغير الروح . وفي آيات القرآن ما يدل على هذه الأحوال للمعاد ، ولذلك اختلف علماء السنّة في أن البعث عن عدم أو عن تفريق كما أشار إليه سيف الدين الآمدي في « أبْكار الأفكار » ومودعة فيها أرواحهم التي كانت تدبر أجسامهم فإن الأرواح باقية بعد فناء الأجساد .

وجملة { وهُوَ الخَلّاقُ العَلِيمُ } مُعترضة في آخر الكلام ، والواو اعتراضية ، أي هو يخلق خلائق كثيرة وواسع العلم بأحوالها ودقائق ترتيبها .